لم تكن تربة الساحة الثقافية والسياسية، غداة نكسة 67 مهيأة بالشكل الملائم الذي يسمح للنخبة المغربية الفتية باتخاذ موقف موحد وحازم. لكن بعيد ذلك، توجهت إلى ما يمور في الشرق.
لم يكن بإمكان المغاربة التعبير عن موقفهم من حرب 1967 لعدة أسباب؛ فقد كانت الحركة السياسية شبه مشلولة نظرا لتفككها بعد هجوم الدولة (أو الحسن الثاني بشكل خاص) على الأحزاب السياسية المعارضة وخصوصا الاتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة 1963، واغتيال المهدي بنبركة سنة ونصف فقط قبل اندلاع الحرب. أضف إلى ذلك تراجع عدد من المؤسسات السياسية عن الدفاع أو حتى التضامن مع الاتحاديين، ومن ذلك، نقابة المحجوب بن الصديق، الاتحاد المغربي للشغل .سنوات سوداء حتى ولو كان القاموس الصحافي لا يدمجها فيما أصبح يسمى بسنوات الجمر والرصاص .زيادة على ذلك، كانت هناك أحداث 23 مارس 1965 الدامية والتي تم قمعها بشكل عنيف.
هذه السنوات هي الفترة التي كانت تتكون فيها النخبة المثقفة المغربية والتي كانت تحاول جاهدة بناء ما كانت تسميه الثقافة الوطنية .وإذا كان مفهوم بناء الثقافة الوطنية لم يكن يعني شيئا ربما بالنسبة للسوري أو العراقي أو المصري، فإنه كان ذا أهمية كبرى بالنسبة للمغربي الذي كان يبحث داخل مفترق طرق مكون من ثقافة المستعمر وثقافة العربي الإسلامي والثقافة الأصلية المغربية المكونة من عدة روافد: إفريقية وعربية وأوربية .ولذا، فإن كان كتاب ومثقفو المغرب الذين تكونوا داخل اللغة العربية المشرقية قد انخرطوا فيما أسموه “اتحاد كتاب المغرب“ تأسس سنة 1960 وأسسوا له مجلة أسموها “آفاق” في مارس ،1963 فإن كتاب اللغة الفرنسية أسسوا مشروعا أسموه مجلة “أنفاس“ دون أن يكون لهم إطار مؤسسي. هذا على الرغم من أن عددا مهما منهم كان منخرطا في الحزب الشيوعي المغربي، الحزب الذي سوف يمر بمراحل هامة قبل أن يغير جلده، ويصبح حزبا على النمط المغربي يجمع بين متناقضات الأصالة والمعاصرة المغربية.
موليم العروسي
تتمة المقال تجدونها في العدد 122 من مجلتكم «زمان»