تدفع طبيعة مجتمع البلاط، الذي يضم عشرات الأعوان والجلساء والمجندين وغيرهم، هؤلاء إلى التنافس بينهم، وقد يصل الأمر إلى حد السعاية والوشاية.
ل سلطة سياسية، مهما كانت درجة إطلاقيتها، وشدة استبدادها، تمارَس عبر وسائط. هذا ما يمكن استنتاجه من نصوص آداب الملوك المغربية، والإسلامية عامة. فقد سبق لابن خلدون أن أكد في حديثه عن الدولة السلطانية أن السلطان «ضعيف في نفسه»، ولا بد له من الاستعانة بـ«وظائف سلطانية»، بل وأيضا بـ«خطط دينية» لتأمين سلطته على الرعايا . وهو نفس التأكيد الذي نجده قبل ابن خلدون وبعده عند كافة مدوني النصائح الإسلامية الذين تحدثوا عن بلاط السلطان وحاشيته من وزراء وكتاب وعمال وخذام، مبرزين استحالة ممارسة السلطة بدونهم.
العبارات المستعملة
تستعمل آداب السلاطين المغربية عبارات متعددة للدلالة على الجهاز البشري المحيط بالملوك والسلاطين (الحاشية، الخاصة، البطانة، المراتب السلطانية، رجال البلاط… إلخ). ويمكن أن تذكر في هذا السياق ما يفوق عشرين وظيفة أو خطة يتكون منها جهاز الدولة السلطانية مثل الوزير والكاتب والحاجب والجليس والعامل والقاضي وصاحب الأشغال وقائد الجند وصاحب الشرطة وصاحب البريد والسفير والحاكم، وصاحب المظالم والأعوان والمدرسون، وإمام الصلاة والمحتسب وصاحب السكة والمفتي وصاحب الطعام والشراب…
قد تتسع دائرة هذا الجهاز السلطاني وتتعدد وظائفه وقد تضيق وذلك حسب طبيعة الدولة السلطانية و “الطور” الذي بلغته، وموقعها بين “البداوة” و”الحضارة” كما أشار إلى ذلك ابن خلدون.
عز الدين العلام
تتمة الملف تجدونها في العدد 57 من مجلتكم «زمان»