حمل عبد الحق العشعاشي، الذي توفي يوم23 شتنبر الماضي، معه أسرار اختفاء المهدي بنبركة، في انتظار ما إذا كانت مذكراته سترى النور.
توفي عبد الحق العشعاشي، أحد المطلعين على حقيقة اختطاف الزعيم الوطني المهدي بنبركة، وذلك يوم السبت 23 شتنبر الماضي، كما يفيد الإعلامي الحسين الدراجي الذي كان من أصدقاء الراحل. كان عبد الحق العشعاشي، من عناصر فريق “الكاب 1” الذي كلف برصد خطوات المهدي بنبركة في باريس، منذ أبريل 1965 على الأقل، إلى جانب أحمد الدليمي، رئيس الجهاز، وميلود التونزي وبوبكر الحسوني وحميد الصقلي والغالي الماحي، كما تشير لذلك وثائق يكشفها موريس بوتان في مؤلفه «بنبركة، الحسن الثاني، دوغول، ما أعرف عنهم». فضلا عن كون شقيقه الراحل محمد، شغل منصب مدير ديوان أحمد الدليمي في تلك الفترة. وهو ما يجعل من شهادته مصدرا أساسيا لكشف حقيقة ما وقع يوم 29 أكتوبر 1965 عندما اختطف رجال شرطة فرنسيين المهدي بنبركة، بتنسيق مع المخابرات المغربية، ليختفي أثره منذ ذلك الحين. شهادة أدلى بها العشعاشي فعلا، لكنها بقيت طي الكتمان إلى اليوم. ففي إطار طلب الإنابة القضائية الفرنسية، الذي استجابت له السلطات المغربية سنة 2003، استقى عبد القادر الشنتوف، قاضي التحقيق المغربي، أقوال العشعاشي على أساس أن تنقل إلى القاضي الفرنسي المكلف بالتحقيق في الملف. بيد أن «محضر الاستماع هذا لم يصل قط إلى باريس. تبين أنه جمد على مستوى وزارة الخارجية المغربية» كما يوضح موريس بوتان، محامي عائلة بنبركة، في حديث سابق مع “زمان”. ولعل هذا ما جعل القضاء الفرنسي يضع، سنة 2007، اسم عبد الحق العشعاشي ضمن لائحة الشهود الذين يطلب إحضارهم، من طرف الشرطة الدولية “أنتربول”، قصد الاستماع إليهم. بيد أن التجميد هذه المرة جاء من السلطات الفرنسية، التي لم تنقل مذكرات التوقيف هاته إلى جهاز الشرطة الدولية. من جهته يوضح الحسين الدراجي، في حديث مع “زمان”، أن عبد الحق العشعاشي كان يؤكد له، بصدد قضية بنبركة، أن «جهاز الكاب1 لم يكن متفقا على اغتيال المهدي، وإنما فقط إرجاعه إلى المغرب، ولذلك كان مكلفا بمهمة تتبع تنقلاته». ويكشف المتحدث، الذي ربطته صداقة مع العشعاشي منذ فترة الدراسة الابتدائية في وجدة، أن الراحل خلف مذكرات مخطوطة، طلب ألا تنشر إلا بعد وفاته، «نظرا لما تتضمنه من أسرار قد تمس بأمن الدولة.» في انتظار ما يمكن أن تكشفه المذكرات التي يتحدث عنها الدراجي، إن نشرت، حول رواية العشعاشي لما وقع، يبقى ميلود التونزي الشاهد الوحيد، من ضمن المشاركين في العملية، وذلك بعدما أظهر الاستماع إليه من طرف هيأة الإنصاف والمصالحة، أنه هو “العربي الشتوكي” المذكور في وثائق القضية. وهو ما يكشف تفاصيله مؤلف “كذلك كان” لمبارك بودرقة وشوقي بنيوب.