يرى عبد الكريم غلاب، الذي خبر العمل الصحافي طويلا منذ فترة الاستعمار، أن الخلافات التي تفجرت بين حزبي “الاستقلال” و”الاتحاد الوطني للقوات الشعبية” لم تحل دون المشاركة، معا، في تأسيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية في مطلع عام 1963. في هذا الحوار، الذي أجري معه أياما قليلة قبل وفاته، تحدث عبد الكريم غلاب، العضو السابق في اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال ومدير نشر جريدة “العلم” إلى وضع الصحافة المغربية خلال مرحلة الاستعمار، وكيف صار عليه بعد الاستقلال.
لنبدأ، أولا، بواقع الصحافة وتجاوب المغاربة معها، في زمن الاستعمار، على اعتبار أنكم كنتم أحد صُناعها…
لم يكن في مرحلة الاستعمار أي أحد يولي اعتبارا لدور الصحافة، لكون المغرب لم يعرف الصحافة مبكرا، مما جعل الشعب المغربي لم يعش عموما أجواء الصحافة.
فكما تعلمون أن المغاربة لم يكن لهم حظ مطالعة الصحف الوطنية، لأنها لم تكن موجودة أصلا خلال هذه المرحلة الاستعمارية العصيبة من تاريخ البلاد، والصحافة التي كانت موجودة قبل الاستقلال هي في غالبتها صحافة تابعة للقوة الاستعمارية ولا تلقى اهتمام من طرف المواطنين. فمثلا صحيفة “السعادة” كانت تباع منها نسختان فقط، واحدة كان يقتنيها المرحوم أحمد بلافريج… غير أنه بعد ذلك، بدأت تظهر بعض الصحف، من بينها جريدة “الأطلس” التي لم تعمر طويلا. كما كانت هناك صحف وطنية تصدر من حين لآخر، ثم تحتجب بسبب توقيفها من قبل الإدارة الفرنسية.
وكمثال على ذلك، في أواسط الثلاثينات وبالضبط سنة 1936، قدمنا طلبا للإدارة الاستعمارية للسماح لنا بممارسة مهنة الصحافة، ولما اطلع المقيم العام على طلبنا خلال أحد الاجتماعات صرخ بأعلى صوته قائلا «الصحافة لا، الصحافة لا»، ضاربا بعنف براحتيه على الطاولة لإدراكه أهمية الصحافة في إلهاب حماس المواطنين والتعبير عن آرائهم حينما كان مقيما عاما بتونس قبل أن يجيء به إلى المغرب.
لم يسمحوا لنا في أواخر الثلاثينات بحرية إصدار الصحف، فـ”الأطلس” منعت في سنتها الأولى بعد صدور نحو 10 أعداد فقط، فيما جريدة “المغرب” استمرت في الصدور التي كان يصدرها سعيد حجي. فبصفة عامة كانت الصحف ممنوعة على العموم قبل الاستقلال ماعدا استثناءات قليلة ذكرتها سابقا.
لكن ظهرت، مع ذلك، مجموعة من الجرائد الوطنية…
نعم، بعد المطالبة بالاستقلال، ظهرت صحيفة “العلم”، التي أصدرها حزب الاستقلال في سنة 1946، وتلتها صحف أخرى… غير أن هذه الصحف، خاصة الصادرة باللغة العربية، ظلت، دائما، بين المطرقة والسندان.
بينما الصحف الصادرة باللغة الفرنسية كانت تعمر نوعا ما، لأنه كان مفروضا في هذه الصحف أن تكون في ملكية شخص يحمل الجنسية الفرنسية… وهكذا، لم تكن تتعرض للمنع والمراقبة المشددة، مقارنة بزميلاتها الناطقة بالعربية…
حاوره جمال المحافظ
تتمة المقال تجدونها في العدد 81 من مجلتكم «زمان»