هل نحن عنصريون؟ سؤال محير ومحرج يمكن طرحه بشكل آخر، يبدو أقل حدة واستفزازا : ما هي طقوس الميز العنصري الذي عرفه المجتمع المغربي على مدى التاريخ؟ للإجابة عن هذه الأسئلة، التي تولد بدورها أسئلة موازية (ما هي القواسم المشتركة بين طقوس العبودية وحقيقة التمييز العنصري، أين يبدأ هذا وأين ينتهي داك؟)، “زمان” تحكي، تحلل، تؤطر، تفسر، تقارن، تناقش وتعطي الكلمة للخبراء. حصاد شامل ومتوازن، بعيدا عن الطابوهات والكليشيهات. قراءة ممتعة.
يقف المطلع فيما يشهده المغرب اليوم على نماذج عديدة ومتنوعة تظهر صورا من التحقير والتنقيص من أصحاب البشرة السوداء من المغاربة. ومن هذه الصور، ذيوع مصطلحات تحقيرية قدحية من قبيل: عَزْوَة، وعَزِّي، وعَنْطِيزْ، وگانْـگَا، واكْحَلْ، وزِيتُونَة، وحَرْطَانِي، وفَاخْرَة، وكَحْلُوشْ وغيرها من النعوت التي تهدف أحيانا إلى السخرية من المخاطب بها، وتحمل أحيانا أخرى بعدا عنصريا. ومن الملاحظات المتداولة عند المهتمين بهذه الظاهرة، غياب أصحاب البشرة السوداء في المناصب المهمة إسوة بالبيض، من قبيل شبه انعدام تقلد المناصب السامية (الوزراء والعمال…)، وشبه إقصاء من مزاولة الوظائف المصرفية والبنكية المرموقة، إلى جانب غيابهم في نشرات الأخبار وغيرها. وعلى المستوى الاجتماعي، ثمة صور عديدة للتنقيص من أصحاب البشرة السوداء، من قبيل انتشار نكت عن خوف رهيب من إنجاب طفل أسود، ونكت عن رائحة إبطي الأسود يقال “مُصنن”، ونكت عن استخدام النساء لمرهم رخيص مضر للحصول على وجه أبيض ناصع. علما أن للنكتة سرعة في الذيوع، وتتميز بحمولة قوية، وهي تعبير عميق عن الموقف. كما تنتشر أغاني تنقص من أصحاب البشرة السوداء وتعلي من شأن أصحاب البشرة البيضاء وخاصة النساء. ولاحظت بعض البحوث الميدانية في علم الاجتماع، أجريت في منطقة طاطا، وجود قرى كاملة للسود وأخرى كاملة للبيض، كما سجلت وجود مقابر ومساجد خاصة بالسود في بعض القرى مثل أكجكال وقصبة الجوع وأگادير الهنا، وهذه الظاهرة ليست مقتصرة على منطقة طاطا، بل توجد في مناطق أخرى من الجنوب الشرقي، وإن كانت تتحكم فيها حيثيات أخرى لا ترتبط بالتنقيص أو العنصرية. من الصور الاجتماعية الأخرى، إلحاح بعض الأسر الثرية، في الحواضر الكبرى خاصة، في أن يكون لون بشرة الخادم سوداء، وكأنه حنين إلى عصور العبودية. وتظل الصورة اللافتة للانتباه، رفض بعض الأسر تزويج بناتها البيض من ذوي البشرة السوداء، والعكس صحيح.
هيئة التحرير
تتمة المقال تجدونها في العدد 81 من مجلتكم «زمان»