ما الذي نعرفه عن مكتبة السلاطين؟ وماذا تضم من كتب ومخطوطات نفيسة؟ كيف كان الحسن الثاني يجمع نوادر الكتب وماذا ترك منها؟ وهل يهتم محمد السادس أيضا بها وماذا تضم مكتبته؟ هذه الأسئلة وغيرها تجرنا إلى التساؤل عن علم قلما يهتم به الباحثون، وهو أساس ومرتكز معظم العلوم، وهو علم المخطوطات، الذي يمكننا من معرفة ما تركه أجدادنا. في هذا اللقاء مع مجلة “زمان”، يتحدث مدير الخزانة الملكية أحمد شوقي بينبين عن هذا العلم ودوره في كشف أسرار الماضي. الضيف درس في فرنسا على يد جهابذة “الكوديكولوجيا” واستطاع نقل ما تعلمه إلى المغرب وإلى الدول العربية. كما أنه نجل مؤنس الملك ورفيقه، الفقيه بينبين، ورفيق الباشا الكلاوي قبله. يتحدث شوقي بينبين هنا عن خزائن المغرب النفيسة من مخطوطات، وعن الكتب التي يتوفر عليها كل من الملك محمد السادس وكذلك والده الحسن الثاني.
النشأة والأدب
«أحمد شوقي بنبين من مواليد مدينة مراكش تربة الأولياء في عام 1946. بدأت دراستي في إحدى مدارس التعليم الحر قبل أن أجبر على ولوج التعليم الفرنسي لما أغلقت المدارس الحرّة إثر نفي السلطان محمد الخامس رحمه لله. وكان هذا أول حدث سياسي شَهِدْته في طفولتي.
وإذا كانت دراستي في الابتدائي والثانوي بالفرنسية، فقد توجهت بعد حصولي على الباكلوريا إلى دراسة الأدب العربي نتيجة نشأتي بين أحضان والدي الفقيه محمد بنبين ذاكرة المغرب، فقد كان يحظى بِحَافِظة نادرة، يحفظ حسب ما قال لي قرابة مائة ألف بيت من كلام العرب، ويحفظ المقامات ودواوين عدد من الشعراء كَديواني شاعر الحمراء ومعروف الرصافي. كما كان يعرف تاريخ العرب ورجالاتها من الفقهاء والعلماء والشعراء والصوفية».
علاقة والدي بالملك الحسن الثاني
«إن التَّبحُّر وذلك الاطلاع الكبير لوالدي هو السبب في كونه أصبح جليسا لجلالة الحسن الثاني رحمه لله ما يزيد على ثلاثين سنة. وكان الملك يتمتع بذوق وإلمام كبير باللغة والأدب، بل قد يحدث أن ينظم الشعر والدليل على ذلك أنه خلال ليلةٍ من ليالي رمضان بالقصر الملكي بالدارالبيضاء، كان الفقيه بنبين ينشد قصائد بعض الصوفية من الشعراء ومدائح في آل البيت، إذ بجلالته يقول له: خذ القلم أيها الفقيه واكتب:
يــا رسول الإله إنـي سلسل
وسليل الرسول يرجو تحيّة
كفــى بالمصطفى نبيّا وحِيا
كفى بالمصطفى شفيعَ البريّة
كفى بالمصطفى لسُقمى طِبَّا
كفى بالمصطفى هدى البشرية
على هام الرّسل الأكارِم تاجٌ
أحمدٌ للــورى هُــدىً وهــديّة»
بينبين والباشا الگلاوي
«أما عن علاقة والدي الفقيه بنبين بالباشا الحاج التهامي الگلاوي، فكانت عن طريق والده الذي رافق الرجل منذ القرن التاسع عشر. وكان الرجل معروفا بحفظه للقرآن، ومعرفته للغة العربية أدبها ونحوها وصرفها. وكان إِبّان حكمه يُكرم الفقراء ويعتني بأصحاب الزوايا ويقدّم الشرفاء من آل البيت، ولا يضام أي واحد لجأ إليه من هذه الفئات».
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 81 من مجلتكم «زمان»