عرف المغرب، بعد القرن 11، انتعاشا علميا متأثرا برياح النهضة العلمية القادمة من الشرق. هنا عودة إلى أبرز الملامح العلمية، وأيضا إلى أسباب أفولها.
عموما، لا يمكن القول إن المغرب قد عرف حقبة تاريخية شهدت تأسيس تقليد علمي حقيقي، وإنما عرف فترات عاش فيها انتعاشات علمية، كما هو الحال في عصر الموحدين الذين كانت لهم إرادة واضحة لتشجيع العلوم. غير أن هذه الإرهاصات الأولية لميلاد حركة علمية حقيقية، سرعان ما اندثرت بسبب الصراعات السياسية الطاحنة. ووجب انتظار عصر المرينيين لرؤية عودة لملامح العلوم، قبل أن تحل فترة أفول طويلة انتهت مع مجيء السعديين. إذن، لم يكن في تاريخ المغرب الفكري والحضاري استمرارية تراكمية. ذلك، أن حقبة الجمود تمحو ما أنجز في فترة الخصوبة التي يكون قد عرفها الجيل السابق عليها. ويمكنها هدم أبنية أو تمزيق وإحراق كتب، لمجرد أنها تنتمي إلى حقبة سادت فيها عائلةٌ ما أو مجموعة أفراد من قبيلة معادية. كما تجب الإشارة إلى أنه وحتى في الفترة التي عرفت نوعا من الازدهار العلمي، لم يبرز تفاعل معرفي فعال، بل إن بعض العلماء أنفسهم حملوا أفكارا مناقضة لمنطق تطور العلوم. يحاول ملف “زمان” تسليط الضوء على بدايات ظهور أول ملامح علمية في المغرب، وعلى الأسباب التي أدت إلى التخلف أو التطور النسبي للعلوم عبر فترات زمنية مختلفة. ويتطرق إلى دور التأثيرات الخارجية سواء المشرقية أو الأندلسية على الحركة العلمية بالمغرب، دون إهمال أهمية العوامل الداخلية والأدوار السلبية أو الإيجابية التي لعبتها سواء للدفع بتطور العلوم أو للحد من تقدمها. ونقصد هنا تدخل الفقهاء ورجال الدين، بالإضافة إلى عوامل أخرى يمكن إجمالها في موقف السلطة السياسية، التوازنات العسكرية والاضطرابات والصراعات حول السلطة. كما يركز الملف على أبرز المجالات التي كان فيها للمغاربة محاولات للإبداع العلمي، كالرياضيات والفلك والطب والمعمار، مع الإشارة إلى أسماء أبرز هؤلاء العلماء وإسهاماتهم المختلفة في المجالات التي برعوا فيها.
هيئة التحرير
تتمة المقال تجدونها في العدد 53 من مجلتكم «زمان»