من الثابت، أن أغلب العلماء جاروا الحكام، وباركوا سياساتهم حتى وإن خالفت الدين والشرع. غير أن هناك من شق عصا الطاعة، وقالوا للسلطان، “لا”.
إذا ألقينا نظرة شاملة وسريعة على تاريخ المغرب منذ الفتح الإسلامي وإلى اليوم، يبدو لنا واضحا جليا أن الأغلبية الساحقة من العلماء، وفي أغلب العصور، قد داهنوا السلطة وتعايشوا معها مفضلين السلامة على الصدح بالحق. بل إن الكثيرين منهم قد خدموها عن اقتناع أو خوف أو طمع. ولكن هناك حالات عارض فيها العلماء سياسات بعض السلاطين. وقد حدث ذلك في الغالب الأعم عند توفر أحد الأسباب الأربعة التالية أو جميعها. وهي ضعف السلطة المركزية، أو عدم دفاعها بالحزم المطلوب، في نظر الفقهاء، عن حوزة البلاد وبيضة الإسلام، أو خروجها البين عن الشريعة وشيوع ذلك بين الناس، أو إلحاق الضرر بعامة الناس وذلك بقرار وسابق إصرار. هكذا، فإن العديد من الفقهاء قد عارضوا السلطان السعدي الضعيف محمد الشيخ المامون لما تخلى عن العرائش لصالح الإيبيريين في أوائل القرن السابع عشر. بل إن أحدهم، وهو ابن أبي محلي، قد استولى على العاصمة مراكش، وأعلن نفسه أميرا شرعيا عليها. كما أن فقهاء نهاية القرن التاسع عشر قد جادلوا بصخب، كان عارما أحيانا، في السياسة الجبائية للسلطان الحسن الأول رغم قوة هذا الأخير وجبروته. فقد اعتبروا الضرائب والمكوس المحدثة خروجا عن الشرع وظلما لأصحاب الحرف وإثقالا على الرعية.
المعطي منجب
تتمة الملف تجدونها في العدد 44 من مجلتكم «زمان»