اشتهر العديد من الفقهاء، خلال العصر الوسيط، بمعارضة السلطة وسياساتها إن رأوا فيها أنها تخالف الشرع. فيما عمد الحكام إلى مواجهتهم بالترغيب والترهيب.
كان العلماء في مغرب العصر الوسيط يعتقدون في عبارات تم ترويجها من قبيل: «العالم في قومه كالنبي في أمته»، و«العلماء ورثة الأنبياء»، أو «لا درجة بعد الأنبياء إلا العلماء»، وغيرها من المقولات. ومن ثمة، اعتقدوا أنهم المراقِبون والمسؤولون عن التنشئة الروحية للمجتمع، التي لا يزاحمها إلا السلطان باعتباره أمير المؤمنين أو أمير المسلمين. وقد أسهمت هذه المقولات في تبلور ذهنية حملت تقديرا كبيرا للعلم والعلماء استنادا إلى مرجعية القرآن والسنة، اللذين أكدا سمو منزلتهما، ذهنية أسهمت في تشكلها أيضا الأدوار الاجتماعية والسياسية التي ما فتئوا يضطلعون بها داخل المجتمع.
الحلال والحرام في أموال السلاطين
كانت السلطة المرينية تعلم أن العلماء، أو على الأقل بعضهم، كانوا يعتقدون أنه «إذا كان الملوك يعتبرون أنفسهم حكاما على الناس، فإن العلماء حكام على الملوك». وبهذا تبنى بعض الفقهاء فكرة أهلية الرقابة على السلطة السياسية وحقهم في ذلك، انطلاقا من كون كل سلطة في مجتمع مسلم لابد من أن تطابق الشريعة. فالفقهاء، بمفهوم أولي الأمر، كانوا يعتبرون أن شهادتهم على أي نظام سياسي هي الكفيلة ببيان مطابقته الشريعة أو ابتعاده عنها، وبالتالي إضفاء الشرعية عليه أو نزعها عنه، واعتقدوا أن كل سلطة تقريرية أو تقديرية من حقهم وحدهم.
محمد ياسر الهلالي
تتمة الملف تجدونها في العدد 44 من مجلتكم «زمان»