اعتمد الاتحاد الوطني للقوات الشعبية منذ تأسيسه على بعض الرموز الدينية، الذين عرفوا بـ”فقهاء الحزب” .هذا الارتهان لم يكن رمزيا في ظاهره فحسب، بل كانت له غايات سياسية مباشرة، تهدف إلى الحفاظ على توازن الحزب وتصدّ عنه ضربات الخارج.
عكست لحظة تأسيس حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، في سنة ،1959 محطة لالتقاء مكونات سياسية ومجتمعية، اختارت الانفصال عن ممارسة “تقليدية محافظة“ لكنها لم تختر الانفصال عن هوية المجتمع المغربي وطبيعته. فقد كان الحزب التاريخي “الاستقلال“ يضم، مثله مثل أحزاب أخرى، فئات واسعة وشرائح من المجالين الحضري والقروي، وكانت بعض قياداته تجمع بين الزعامتين السياسية والدينية، وقد ظل محافظا على هذه الثنائية طوال مساره. على منواله، نهج الاتحاديون مسلكه بالرغم من أنهم اختاروا “الاشتراكية والتقدمية“.
سلفية متجددة
في نهاية القرن 19 ومستهل القرن العشرين، تأثر الوطنيون المغاربة بالسلفية التنويرية القادمة من الشرق، واحتكوا بها وطوروا أفكارها، بل واعتمدوها منهجا لمقاومة الاستعمار وتوحيد صفوفهم التنظيمية، فأطلق عليها «السلفية الوطنية الجديدة».
وجدت الحركة الوطنية، كما يذكر كتاب “تاريخ المغرب“ الذي أشرف محمد القبلي على إنجازه، في السلفية «إيديولوجية مناسبة لها، إذ هي عقيدة إصلاحية دينية تدعو إلى الإسلام الأصلي، أي إسلام السلف الصالح» .وقد لاحت أصداء هذه السلفية في المغرب منذ القرن التاسع عشر داخل دوائر المخزن قبل غيرها، في مقدمتها الشيخ عبد لله السنوسي، الذي درس في القرويين بدعم من السلطان المولى الحسن، والشيخ أبو شعيب الدكالي وتلميذه محمد بن العربي العلوي. هذا الأخير قام بالجمع بين السلفية وبين النضال الوطني، فكان من رواد السلفية الوطنية الجديدة، وأسهم بعدة أدوار خلال الفترة الاستعمارية، وحتى في مرحلة ما بعد الاستقلال، لا سيما انحيازه إلى جانب “الاشتراكيين“.
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 97 من مجلتكم «زمان»