ساهمت طبيعة الجبل الصخرية في مدينة تازة في جعله مجالا مناسبا للسكن، عمل التازيون القدماء على تطويعه، وتحويله إلى كهوف.
شكلت القاعدة الصخرية التي أنشئت عليها مدينة تازة المحصنة مجالا تخللته العديد من المغارات والكهوف، مما جعلها نموذجا لهذا النوع من السكن، فالمدينة المستحدثة تم إنشاؤها فوق عُرْف الجبل الذي تحيط به منحدرات حادة من ثلاث جهات. وقد عمل الإنسان على حفر مخازن إلى جانب تلك المغارات التي تنوعت أشكالها بين المغارة والكهف والغار والقبو والحفرة البسيطة، حيث أبدعت الطبيعة في نحت الصخر عبر السنين، كما تدخل الإنسان لتعديل تصميم تلك الفضاءات التحت – أرضية لتلائم حاجياته في السكن والإقامة، فكان لهذه الكهوف مساحات متباينة، كما أنها اتخذت وضع طبقات بعضها فوق بعض من الأسفل نحو الأعلى.
لجأ بعض الأهالي بمنطقة تازة إلى هذه الكهوف فسكنوها واستقروا بها منذ فترات قديمة، وقد استمر ذلك إلى مستهل القرن الماضي، وقد اتخذ هذا النوع من السكن أشكالا وهيآت مختلفة، فمنها ما أُعِد سلفا بالحفر بشكل كامل، ومنها ما تم الاشتغال عليه جزئيا على مستوى أسفل من الأرض المجاورة، والتي تمثل نمطا يكاد يكون متماثلا من حيث شكله العام. وصف الكابتن بوتي “ “Capitaine Petitهذا النوع من السكن بشكل دقيق، وحدد مواقعه بالجهتين الشرقية والشمالية الشرقية من تازة، وقد يكون لسمك الكتل الصخرية التي تضم هذه الكهوف دورا أساسيا في اختيارها لتوسيع ما هو موجود وتهيئته، أو لحفر كهوف جديدة حسب الحاجة، وتلك عادة المقيمين بالجبال، حيث يحرصون على استغلال ما أتيح لهم من مغارات أو فجوات تنفتح على السفح، فيجعلونها تتناسب واحتياجاتهم في الإقامة والخزن وإيواء الماشية.
عبد المالك ناصري
تتمة المقال تجدونها في العدد 102 من مجلتكم «زمان»