عارض المقيم العام گيوم خلع محمد بن يوسف في غشت 1953، وكان ابن عرفة مرشحا للعرش منذ 1912، وأخطاء الإقامة العامة تسببت في فشل التجربة… هذه أبرز فقرات تقرير سري أنجزه سنة 1955 ضابط فرنسي، اسمه جورج غوتيي، كان قريبا جدا من محمد بن عرفة.
غادر محمد بن عرفة قصر الرباط في اتجاه طنجة، في ساعة مبكرة من صباح يوم 2 أكتوبر 1955، بعدما وقع ورقة تنازله عن العرش. طيلة حكمه ولفترة من مقامه بطنجة، كان إلى جانبه ضابط فرنسي يدعى جورج غوتيي. لا توجد معلومات كثيرة عن هذا الضابط، باستثناء كونه قائدا للحرس الأسود ووجها مألوفا في القصر الملكي بالرباط. بعد ثلاثة أشهر، قدم غوتيي تقريرا مكتوبا إلى مركز الدراسات العليا للإدارة الإسلامية في باريس. حمل التقرير، المؤرخ بـ21 دجنبر 1955، عنوان «السلطان ابن عرفة: محيطه ونشاطه»، وختم بعبارة «سري».
كان «مركز الدراسات العليا للإدارة الإسلامية» مصلحة للاستعلامات ومركزا لتأهيل الأطر الفرنسية، خاصة في الجيش أو المخابرات، التي ستعمل في البلدان الإسلامية الخاضعة للاستعمار الفرنسي. مؤسس هذا المركز هو روبير مونتاني، أحد أعمدة السوسيولوجيا الكولونيالية في المغرب. حمل المركز لاحقا اسم «مركز الدراسات العليا لإفريقيا وآسيا المعاصرة»، الذي أغلق أبوابه سنة 2000. أرشيفاته محفوظة اليوم في الأرشيف الوطني الفرنسي في باريس. يتكون تقرير غوتيي من 14 صفحة مرقونة على الآلة الكاتبة. بدأه الضابط الفرنسي بوصف مدقق لشخصية السلطان الجديد ابن عرفة، ثم حياته داخل القصر، وكواليس حكمه، والدائرة الضيقة لمقربيه، وعلاقته بالإقامة العامة. لكن أهم ما يميز التقرير هو تضمنه لمعطيات غير معروفة، من قبيل أن المقيم العام أوغستان گيوم عارض خلع محمد بن يوسف، وأن ابن عرفة نفسه كان مرشحا لتولي العرش منذ تنازل مولاي عبد الحفيظ سنة 1912 ثم مجددا بعد وفاة مولاي يوسف سنة 1927… إلخ. ويؤكد غوتيي أن جميع ما ورد في تقريره ينبع من مشاهداته الشخصية لأحداث عايشها مباشرة. لذا، فهو شهادة من الداخل لرجل قريب جدا من ابن عرفة.
خالد الغالي
التتمة في العدد 14 من «زمان»