يشكل تاريخ المغرب وإرثه العريق جزءا من تاريخ العالم والإنسانية جمعاء، لكن الاهتمام بالتراث الوطني ومعالمه ظهر متأخرا مع الحماية الفرنسية عبر سنّ قوانين تؤطره. لماذا إذن اهتم الفرنسيون بتراث المغرب في شقه المادي بشكل كبير؟ وكيف ساعدهم ذلك وخدم سياستهم الاستعمارية؟
أضحى المغرب، في العقود الأخيرة، مهتما بشكل كبير بتراثه (Le patrimoine) المادي وغير المادي، فضاعف جهوده من أجل ترميم معالمه التاريخية، والحفاظ على تقاليده وعاداته الضاربة في القدم، ونجح في إدراج بعضها في قائمة التراث العالمي للإنسانية، فصارت مصدر اعتزاز له وقبلة يقصدها السياح والأجانب.
هذا التوجه، وعلى غرار معظم البلدان، حديث عهد بالمغرب؛ إذ لم يعتد سلاطين المغرب الاهتمام بما تركه أسلافهم من معالم وجعلها قبلة للزوار أو الاحتفاء بها، بل وظفوا تلك المعالم لأغراض وغايات سياسية .وتخبرنا المصادر، على سبيل المثال، بما قام بها الموحدون في حق المآثر المرابطية، بحيث هدموا بعضها، وبنوا على أنقاضها ما يخلد حكمهم وسلطتهم. وكذلك فعل المرينيون بتشييد صروح جديدة على أنقاض من سبقهم، وخرب المولى إسماعيل قصر البديع بمراكش …استمر الحال في عمليات “الهدم والبناء“ هاته، بشكل متعاقب، إلى أن وقع المغرب تحت رزح الاستعمار في سنة ،1912 فقرر المحتل الجديد وضع قوانين للحفاظ على مآثر المغرب وتراثه .وهنا يطرح السؤال: لماذا اهتم المستعمر الفرنسي بجرد معالم المغرب وترميمها؟
”العلم الاستعماري”
قبل إحكام قبضتها على المغرب، استندت الإدارة الفرنسية على بعض العوامل الممهدة لاحتلال المغرب، من أهمها الكتابات السوسيولوجية والأنثروبولوجية والجغرافية؛ إذ كتب بعض المستكشفين والباحثين في نهاية القرن ،19 بدعوى البحث العلمي، عن جغرافية المغرب وعاداته وتقاليده وبنيته القبلية بشكل دقيق، أبرزهم شارل دوفوكو ومولييراس وإدمون دوتي…
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 99 من مجلتكم «زمان»