في أعين محبيها، هي أفضل من غنى العيطة في المغرب .تعلو حتى على الحاجة الحمداوية، التي صار اسمها ملازما لهذا الفن الأصيل .تعلمت صغيرة على يد أمها، وزوجها، ثم سليم الهلالي، قبل أن تدخل قائمة كبار فنانات المغرب، ليطويها النسيان بعد ذلك .إنها لطيفة أمال، صوت العيطة المنسي.
عندما أطفأت لطيفة أمال آخر شمعة في حياتها في أحد أيام شهر دجنبر سنة 1990، كان ذلك إعلانا بدخولها خانة النسيان. يكاد مرور أغانيها وسهراتها، على شاشة التلفاز أو الإذاعة، يكون معدما. شباب الجيل الحالي لا يعرفونها، ورجال الجيل السابق يتذكرون اسمها بصعوبة بالغة. حتى أصدقاؤها وزملاؤها من المغنين والعازفين والملحنين يبدون، وهم يسترجعون اسمها من الأعماق القصية لذاكراتهم، كمن ينفض الغبار عن لوحة منسية منذ القديم: «آآآآآآآه، كاتهضر على لطيفة أمال. كانت ضريفة الله يرحمها مسكينة». مجرد البحث عن تاريخ ميلادها كالبحث عن إبرة في كومة قش.
في نهاية مسيرتها الفنية، أصيبت لطيفة أمال بسرطان الرئة، فالتزمت الفراش واعتزلت الغناء وأوساط الفنانين لفترة طويلة، فضاع تاريخ وفاتها هو الآخر، لولا عائلتها المقربة: «ولدت عمتي لطيفة في آسفي سنة 1935، وولد بعدها والدي عبد الله الإدريسي (ضابط الإيقاع في الجوق الوطني) بعام واحد. توفيت في شهر دجنبر 1990، عشر سنوات بالضبط قبل وفاة والدي»، تقول حليمة الإدريسي ابنة شقيق لطيفة أمال.
يُظهرها النسيان الذي طالها، منذ وفاتها، وكأنها كانت فنانة مغمورة. إلا أن لطيفة أمال، في الواقع، كانت ضمن فنانات الطراز الأول إلى جانب بهيجة إدريس، نعيمة سميح، عزيزة جلال.. يعتبرها البعض أفضل من غنى العيطة، أفضل حتى من رائدة هذا الفن اليوم، الحاجة الحمداوية، رفيقتها خلال فترة من مسيرتها الفنية. تتلمذت «لالة لطيفة»، كما يحب أن يناديها عدد من زملائها القدامى، على يد المغني المعروف سليم الهلالي، وغنت جنبا إلى جنب مع كبار الفنانين: المعطي بنقاسم، أحمد الغرباوي، محمد فويتح، إسماعيل أحمد، محمد الحياني، محمود الإدريسي، إبراهيم العلمي. وصدحت بصوتها من أعلى خشبة الأولمبيا، أحد أعرق مسارح فرنسا وأرقاها، قبل أن يغلفها النسيان.
خالد الغالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 22-23 من مجلتكم «زمان»