يرفض موليم لعروسي الحديث عن هوية إسلامية للمغرب، كذريعة لمجابهة الحريات الفردية. ففي رأيه لا توجد هوية إسلامية مغربية متماسكة، بل هناك ثقافة إسلامية يمكن حتى للملحد أن يعيش داخلها. ولا يتردد في دعوة الدولة إلى إقرار الحريات الفردية، حتى لو لم يقبل المجتمع ذلك.
لنبدأ من الأحداث الأخيرة. كانت البداية بفيلم «الزين اللي فيك»، وبعده قضية فتاتي إنزكان، ثم مثلي فاس، ثم النقاش المتجدد حول حرية الإفطار في رمضان…إلخ. كيف تقرأ كل هذه الأحداث، وعما تعبر في رأيك؟
كان البداية بفيلم نبيل عيوش، «الزين اللي فيك»، وكان رد الفعل مباشرة هو الخروج إلى الشارع. ويلاحظ أن الأحزاب والمؤسسات السياسية، التي كانت وراء هذا الخروج، لم تختر الآليات والمساطر الديمقراطية المعروفة، رغم أنها ممثلة في البرلمان وفي مؤسسات الدولة، بل اختارت الشارع مباشرة. وأقصد هنا أساسا الشبيبة الاستقلالية وشبيبة حزب العدالة والتنمية. اختيار الشارع مباشرة يؤكد أن المسألة فيها مزايدات سياسية انتخابية. وعندما جاءت قضية جنيفير لوبيز، صدفة، أدخلت بدورها إلى برنامج المزايدات، فاحتجت الشبيبة الاستقلالية أمام القناة الثانية وشبيبة العدالة والتنمية أمام البرلمان. تلت هذا قضية «فيمن»، ثم قضية الشابين الذين ألقي عليهما القبض في الرباط، وقالت الشرطة إنهما مثليان، وارتكبت خطأ كبيرا بنشر صورهما وتمريرها في وسائل الإعلام العمومية، وما أعقب هذا من تنظيم مظاهرة أمام بيت الشخصين المعنيين أمام أعين السلطة ودون أدنى تدخل منها. بعد هذا، كانت قضية فتاتي إنزكان ثم «مثلي» فاس. وما يظهر من هذه الأحداث هو أن هناك مزايدة سياسية حول هذه القضايا، فلا أفهم مثلا كيف يمكن لحزب مثل حزب الاستقلال أن يخرج للشارع بالسرعة والطريقة التي تم بها الأمر للاحتجاج ضد فيلم نبيل عيوش، ليقابله رد الفعل السريع من الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية بمنع الفيلم.
قد تكون هذه المزايدات حاضرة على مستوى الأحزاب السياسية، لكنها على مستوى المجتمع أبانت عن وجود طرحين مجتمعين مختلفين.
صحيح. مثل هذه الأحداث تكرس التمايز الموجود داخل المجتمع. وهو تمايز ليس جديدا، على كل حال. فقبل وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم، جرت أحداث من هذا القبيل. ونتذكر مصطفى الرميد، وهو مناضل في صفوف الحزب وقتها، ينزل إلى الشارع في «غزوات» ضد هذا الفيلم أو ذاك، وهذه المسرحية أو تلك.
قبل الدخول في النقاش حول الحريات الفردية والهوية، كيف تعرف الحريات الفردية أولا؟
الحريات الفردية هي كل الحريات المتعلقة بالفرد لذاته كشخص. هناك أولا الحرية، وهي الحالة التي يوجد عليها الإنسان بحيث يمكنه التصرف دون أي تدخل أو إكراه خارجي يوجهه نحو التفكير أو التصرف بهذه الطريقة أو تلك، باستثناء القوانين المتعاقد عليها في عقد اجتماعي، أي القانون. يتصرف الإنسان، في إطار الحرية الفردية، بما يمليه عليه ضميره الداخلي، سواء تعلق الأمر بتبني تفكير ديني أو غير ديني، علمي أو غير علمي، غيبي أو وضعي. ولا أحد يملك حق التدخل لمنعه من ذلك. لهذا، تصبح الحرية الفردية هي حق الإنسان في التصرف داخل المجتمع بكامل الحرية، لكن دون أن يعتدي بالقوة على حرية الآخرين.
حاوره خالد الغالي
تتمة الحوار تجدونها في العدد 22-23من مجانكم «زمان»