عرف المجتمع المغربي، خلال العصر الوسيط، هوة بين الأغنياء والفقراء، لكنها لم تنتج وعيا طبقيا أو أججت صراعا بين الطرفين، وقد أسهمت أشكال التضامن في أوقات معينة إلى التخفيف من التوتر.
انتهت بعض الدراسات إلى رد مقولة المجتمع الطبقي بالنسبة لمغرب العصر الوسيط، بما يفيد غياب وعي طبقي وما يرافقه من صراع طبقي. فما هي العوامل التي أسهمت في طمس الوعي والصراع الطبقيين وتعطيلهما في المجتمع الحضري المغربي خلال العصر الوسيط؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال، لا بأس من توضيح المقصود بالوعي والصراع الطبقيين؛ فالوعي الطبقي قلما يتكون لدى الناس بطريقة تلقائية من خلال الممارسة والتجارب اليومية، وإنما تعمل نخبة المثقفين والقيادات السياسية على تنميته ونشره على شكل إيديولوجيات ونماذج ثقافية. وقد اختلف الماركسيون حول ضرورة توفر الوعي الطبقي كشرط من شروط الطبقات .وهو ما يفسر استمرار قلة وضوح مفهوم الوعي الطبقي في النظرية الماركسية نفسها، حيث تطرح طبيعته جملة من المشاكل. ورغم ذلك، تبقى وظيفته واضحة، تتحدد في المحافظة على البنى الموجودة، أو التغيير الجذري لها تبعا للظروف، لأن الوعي الطبقي ما هو إلا مقدمة للتنظيم والتدريب الذي تمارسه الطبقة لتتهيأ نفسيا واجتماعيا لخوض الصراع الثوري. وبعبارة أخرى، فإن الوعي الطبقي تتحدد وظيفته في الصراع الطبقي. وهكذا يظهر أن الوعي الطبقي يتضافر مع الإيديولوجية الطبقية، ويتوجان في المفهوم الماركسي للطبقة بالصراع الطبقي، الذي يعتبر من العوامل والشروط المكملة لمجتمع الطبقات .فما هي طبيعة هذا الصراع؟
من خصوصية الطبقة الصراع الطبقي الذي يحفزه الوعي الطبقي، إذ لا يصبح وجود الطبقات محسوسا إلا من خلال الصراعات القائمة بينها، ولا يشكل الأفراد طبقة ما إلا إذا حملوا على عاتقهم عبء كفاح مشترك ضد طبقة أخرى نتيجة تعارض المصالح بينهما، أي أن العلاقة بين الطبقات هي علاقة تناحر وتعارض.
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 116 من مجلتكم «زمان»