تفيد عدة نصوص أن شمال إفريقيا كان مهد معظم الآلهة الإغريقية-الرومانية أو مستقرها، وأن السكان قدسوا الجبال والمياه وكانت لهم ربات، كما اعتنقوا اليهودية والمسيحية.
زين القدماء مبانيهم الخاصة والعامة بأشكال مختلفة من الزخارف، وكانت الفسيفساء من أجملها وأكثرها صلابة ومقاومة لعوادي الزمن. فالفسيفساء هي رسم بالحجارة في غاية الإتقان، بل هي التي مكنت الباحثين من معرفة بعض الرسومات التي ضاعت بفعل العوامل الطبيعية والبشرية. فهي من التراث الإنساني البالغ الأهمية، لذلك يلزم المحافظة عليها.
وإذا كانت الإرهاصات الأولى لظهورها ترتبط بالحضارتين الأصليتين الفرعونية والرافدية، فإن تطورها حصل على يد الإغريق، وتنوعت أشكالها على يد الرومان الذين كسوا بها مساحات واسعة من أرضيات منازلهم ومعابدهم وحماماتهم ومسارحهم، واستعملوها كذلك لزخرفة الجدران والقبب والأحواض…، اعتمدوا في صنعها على مواد طبيعة كالرخام والكلس والحث التي أمدتهم بفصوص بيضاء وسوداء وصفراء وبنفسجية ورمادية، وارتكزوا أيضا على مواد اصطناعية منحتهم قطعا ذات لون أزرق وأخضر وأحمر وبرتقالي.
شكل الرومان والإغريق، بمختلف هذه المواد، لوحات جميلة ذات زخارف هندسة لا متناهية ونباتية بديعة، وكذلك صوروا لوحات مستوحاة من الأساطير القديمة الإغريقية – الرومانية، وأخرى من المعيش اليومي.
هيئة التحرير
ملف العدد 10-11 من «زمان»