شارك التوزونيني في حركة الهيبة، ثم مال إلى التصوف قبل أن يدعي المهدوية، ويقود قبائل آيت عطا إلى الجهاد ضد الفرنسيين. غير أن نهايته كانت على يد أقرب أتباعه.
ازداد مبارك التوزونيني حوالي سنة 1873-1874 في قرية توزونين بقبيلة أقا في بلاد سوس. ينحدر من وسط أسري فقير اضطره إلى الهجرة رفقة عائلته إلى منطقة تافراوت للاشتغال بالفلاحة. غير أن اللحظة التي غيرت مسار التوزونيني كانت مصادفته سنة 1904 طائفة من أتباع زاوية إيليغ، فتأثر بمنهجهم في الحياة وبأفكارهم الروحية وتبنيهم طقوس الصوفية من تقشف وابتعاد عن الأمور المادية، كما عاين عن قرب السهولة التي كان يكسب بها هؤلاء المتصوفة قوتهم. قرر التوزونيني مرافقة أتباع الشيخ الإلغي، وتحمس لحياته الجديدة واندمج بسرعة في طقوس وشعائر الصلحاء. وأصبح يقتدي بأحوال شيوخه خصوصا ما تعلق بالمظاهر، فقل كلامه وأسدل لحية كثيفة وارتدى ثيابا رثة مرقعة وأصبحت السبحتان لا تفارقانه.
شكلت مشاركة التوزونيني في حركة الهيبة، سنة 1912، فرصة سانحة تعرف فيها عن قرب على دواليب السلطة، فازدادت ثقته بنفسه، وشحذت طموحاته السياسية، بعدما تبين له أن الهيبة الذي استطاع تزعم هذا الكم الكبير من الناس ليس إلا «ذاك الرجل البسيط الوديع السالم للناس»، وأن الوصول إلى السلطة لا يتطلب صفات شخصية وخصائص خارقة وهو الذي لا يتعدى تحصيله العلمي حفظ بعض سور القرآن الكريم. بعد رجوعه إلى سوس إثر هزيمة الهيبة، أكثر التوزونيني من حياة التجوال والترحال متأسيا بأحوال الأولياء والصلحاء. وعلى غير عادة شيوخ زاوية إيليغ وصلحائها الذين كانوا يلتزمون الحياد، أخذ التوزونيني يتدخل في الشؤون القبلية، وهو ما أثار استياء شيوخ الزاوية الذين قرروا طرده سنة 1914. توجه التوزونيني إلى بلاد دادس عملا بنصيحة شيخه مولود اليعقوبي الذي خاطبه قائلا: «لا يمكن أن يستقيم لك ما تريد في بلاد سوس وربما لا يتم لك ما تريد إلا في قبائل القبلة الجاهلة».
قاسم الحادق
تتمة المقال تجدونها في العدد 36 من مجلتكم «زمان»