يرتبط تناول موضوع الرباطات في المغرب الأقصى، خلال العصر الوسيط، بالتاريخ الديني والسياسي والاجتماعي في تداخل بين هذه التواريخ، وتداخل أيضا بين ما هو محلي وما يهم تاريخ المغرب ككل خلال المرحلة المذكورة.
يلاحظ المتتبع لجغرافية الرباطات في المجال والحقبة المدروسين، أنها برية وساحلية، توزعت في مناطق مختلفة من التراب المغربي. أقدمها رباط شاكر، المنسوب لأحد أصحاب عقبة بن نافع، الواقع على وادي تنسيفت غربي آسفي. وقد قامت الرباطات في مغرب هذه المرحلة التاريخية بالعديد من الأدوار. كانت حركة المرابطة في بداية أمرها ضربا من ضروب التطوع، يباشره المتطوع بدافع من إيمانه ورغبته في الانخراط في الجهاد. وبفضل حب المرابطة، حفظ المغاربة بلادهم وصانوها قرونا طويلة، حيث كان الرباط «مكانا للمواجهة العسكرية الدفاعية على الخصوص». يشهد التاريخ أن الرباطات في المغرب قامت بدور عسكري قبل العصر الموحدي ارتباطا بنشاط معتنقي المذهب المالكي. ويبدو أن غالبها كان موجها ضد النحلة البرغواطية في تامسنا ومعتنقيها. ومن أولى الرباطات التي اضطلعت بهذا الدور رباط شاكر الذي احتضنته القبائل المصمودية الرﯕراﯕية، ورباط سلا أو سلة المرجح تأسيسه في النصف الثاني من القرن 2هـ/ 8م، «وربما اجتمع في هذا المكان، بالتزامن مع زيارة ابن حوقل إلى المغرب في حدود سنة 340هـ/ 951م، من المرابطين مائة ألف إنسان يزيدون في وقت وينقصون لوقت، ورباطهم على برغواطة قبيل من قبائل البربر على البحر المحيط (…) يغزون ويسبون». ويبين الرقم الوارد في هذا النص إقبال الناس على الرباط والمرابطة.
محمد ياسر الهلالي
تتمة الملف تجدونها في العدد 36 من مجلتكم «زمان»