ورث محمد بن العربي الطريس خطة الأمانة واستخلاص الضرائب الجمركية عن أسلافه، وأبدى مهارة في التسيير ووفاء للمخزن بوآه مكانة كبيرة وصلت إلى حد تعيينه وزيرا للخارجية.
إن المتتبع لتاريخ الديبلوماسية المغربية، منذ بداياتها الأولى، سيلاحظ هيمنة الأسر الأندلسية عليها، وهيمنة الحواضر الساحلية التي استقبلت هذه الأسر بعد طردها من الأندلس، أي بالأساس مدينة تطوان ومدينتي العدوتين، الرباط وسلا. وأسرة الطريس كانت في مقدمة هذه الأسر التي اختلط تاريخها بتاريخ الدبلوماسية المغربية.
صعود البرجوازية الحضرية
كان لانفتاح المغرب على العالم الغربي، ابتداء من منتصف القرن الثامن عشر، أثر حاسم على التطور التاريخي للبلاد، خارجيا وداخليا، في نفس الوقت. ذلك أن فتح أبواب التجارة مع أوربا قد مهد الطريق لبروز فئة جديدة من التجار المنفتحين على العالم الخارجي، وهي فئة تختلف عن نظيرتها التقليدية التي كانت تتشكل من تجار المدن الداخلية كفاس ومراكش، والتي كانت ارتباطاتها أساسا بالقارة الإفريقية والمشرق العربي. هذه البرجوازية التجارية الجديدة كانت متمركزة أساسا بالمراسي، حيث تنشط حركة التصدير والاستيراد مثل تطوان عبر مرسى مرتيل، وسلا والرباط.
ومع انفتاح المغرب على القارة الأوربية وتنامي المشاكل الناتجة عن التجارة والأطماع التوسعية لبعض البلدان كفرنسا وإسبانيا، أصبح لزاما على المخزن أن يستعين في محاورة الحكومات الأوربية بمن له المعرفة بشؤون التجارة والكلام مع الأوربيين، أي بالتحديد هؤلاء التجار الجدد الذين سيتحسن موقعهم، سياسيا، بتوفيرهم الأطر الضرورية التي يحتاجها المخزن لإدارة شؤونه الخارجية وكل ما له علاقة بالأوربيين.
محمد المنصور
تتمة الملف تجدونها في العدد 53 من مجلتكم «زمان»