يعتبر ضريح المولى بن مشيش، الذي بني في الغالب خلال العصر السعدي، أحد أشهر الحرمات التي يستجير بها الناس طلبا للأمان.
ارتبط اسم الحُرْم، أو الحَرَم بالأماكن التي يحرم فيها القتل وسفك الدماء، مع ما يرافق ذلك من عنف يلحق بالأفراد أو الجماعات. انطلاقا من ذلك، فهو يشكل الملجأ الآمن لكل من قصده طلبا للنجاة أو اتقاء لعقوبة أو انتقام قد ينزل به.
الحُرْم وتحقيق التوازن المجتمعي
هذا الدور الوظيفي للحُرْم باعتباره مؤسسة دينية واجتماعية ارتقت في فترات معينة ليكون لها أهمية سياسية بارزة جعلها معروفة عند المجتمعات التقليدية، خاصة تلك التي لم تصل فيها السلطة لدرجة متقدمة من التمركز، كما هو شأن المجتمعات القبلية. وهكذا أضحت للحرم منزلة دينية متميزة حيث شكل جزءا من معتقدات الكثير من الشعوب.
ترسخ دور مؤسسة الحرم بالمغرب بعد وصول المسلمين، وغير مستبعد أن المغاربة، قبل هذه المرحلة، عرفوا هذا النوع من المؤسسات بأشكال وأسماء مختلفة كـ”العار” أو “أزواﮒ”، مما يظهر أن المجتمعات القبلية ابتكرت آليات مهيأة لتنظيم العنف وتقنينه. وفي هذا الصدد، يمكن استحضار ما توافقت عليه قبائل الأطلس المتوسط خلال الفترة الحديثة من تاريخ المغرب، أو قبلها بقليل، من تحريم للقتال في فترات معينة، كأوقات حرث الأرض أو جني المحصول الزراعي، وما كان بين قبائل الريف من أعراف تعتبر السوق الأسبوعي مجالا يحظر انتهاك حرمته، أو القيام بأعمال عنف في المكان المخصص له، فكانت القبائل تبتغي من هذه الإجراءات الحفاظ على استمرار وديمومة هذه الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية الحيوية التي تعتبر من شروط البقاء. لقد ارتبطت مؤسسة الحُرْم بالشرف والصلاح.
عبد المالك ناصري
تتمة المقال تجدونها في العدد 73 من مجلتكم «زمان»، نونبر 2019