لم تتغير خريطة المستفيدين كثيرا بين عهدي الحماية والاستقلال، إذ جددت الإقطاعية نفسها، وحافظ الرأسمال الأجنبي على مواقعه، وهمشت البورجوازية الوطنية مجددا، طيلة الستينات، لصالح كبار الموظفين ورجال الأعمال المقربين من الإدارة، إلى أن هبت رياح المغربة لصالحها خلال السبعينات.
في تقرير، صدر سنة 1964، بعنوان «الأزمة التركيبية للاقتصاد المغربي ومقتضيات تطور اقتصادي سريع»، قدم الاقتصادي الراحل عزيز بلال الجواب التالي: «لم يستفد من الاستقلال سوى فئات اجتماعية تشكل الأقلية. لقد أدى الاستقلال إلى تجديد ما للإقطاعية، التي أصبحت عناصرها تتجه أكثر فأكثر إلى بعض أشكال النشاط الرأسمالي، ولا سيما في الزراعة والتجارة وفي أخذ بعض الأسهم في الأعمال التي يراقبها الرأسمال الأجنبي. وأصبحت هذه العناصر، مع البورجوازية التجارية والعقارية، ومع البورجوازية البيروقراطية، تشكل أكثر فأكثر أوليغارشية (حكم أقلية) تسير أداة الدولة وتوسع روابطها مع الرأسمال الأجنبي. وهذا الأخير، أصبح يشتغل، بالأخص بعد الاستقلال، بتصدير أقصى ما يمكن من الأرباح، دون أن يرغب في القيام بتوظيفات جديدة في البلاد، ومرارا لا يقوم حتى بتجديد جهاز مصانعه».
ويضيف عزيز بلال، إلى الفئات سابقة الذكر، قوى أخرى استفادت من الاستقلال بدرجة أقل، هي البورجوازية التقليدية المتوسطة المرتبطة بالحركة الوطنية والبورجوازية الصغرى. لكن قبل الحديث بتفصيل عن هذه القوى، يجب أولا إلقاء نظرة على التوجهات السياسية والاقتصادية التي أثرت في التشكيلة الاجتماعية للمغرب المستقل، وأفرزت القوى التي صب الاستقلال في صالحها بدرجات متفاوتة.
خالد الغالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 13 من مجلتكم «زمان»