من النادر أن تجد سياسيا ومثقفا موسوعيا، مثل مولاي إسماعيل العلوي. هذا الرجل والسياسي المحنك يحظى باحترام وتقدير قل نظيره حتى من طرف خصومه السياسيين. والحديث معه يفتح آفاقا وأفقا للتفكير في مجال السياسة والفكر والتاريخ. في هذا الحوار، مع مجلة ”زمان”، نكتشف مسار مولاي إسماعيل العلوي الحافل وهو في عقده الثامن. ومن خلاله، يعرض بين يدينا كواليس أهم أحداث طبعت التاريخ السياسي للمغرب: صراع الشيوعيين الفرنسيين والمغاربة وقضية فلسطين، حكومة عبد الله إبراهيم، طبيب الملك الشيوعي، علي يعتة وبن بركة، فشل الكتلة الديمقراطية، تجربة التناوب.. الزلزال السياسي والتحالف مع الإسلاميين، التطبيع مع إسرائيل، القاسم الانتخابي، وغيرها من القضايا الشائكة.
الأستاذ مولاي إسماعيل العلوي، أنت جذورك مغربية وجزائرية.. إذن كيف تتابعون التوتر القائم بين المغرب والجزائر، لا سيما مع ما ينتج عنه لدى البعض من تنقيص أو سب؟
جد والدتي هو محمد الكباص المنحدر من أصول جزائرية، والذي اشتغل مع السلطان مولاي عبد العزيز، وأصبح صدرا أعظم ما بين 1913و1917. وصهره عمر الخطيب (جدي) ولد بالجزائر، وقدم برفقته إلى المغرب سنة ،1905 وكان له أبناء بينهم الدكتور عبد الكريم الخطيب ووالدتي. أما من ناحية الأب، فنحن ننحدر من العلويين، من نسل السلطان مولاي إسماعيل. أما بخصوص قضية الصراع مع الجزائر، فأرى أنه من الطيش أن تصل الأمور إلى هذا الحد الناتج عن الجهل بتاريخ الشعبين. إذا نظرنا لمناطق الغرب، نجد بها قبائل جزائرية استقرت فيها بعدما دعم المغاربة الأمير عبد القادر الجزائري في القرن التاسع عشر خلال حربه مع الفرنسيين، ونجد كذلك شواهدهم ما تزال قائمة. يمكن أن نعترض على سياسة الجزائر، لكن ليس بالضرورة أنها سياسة تتماشى مع رغبة الشعب الجزائري تجاه المغرب، لا سيما ما يواجهه جنرالات الجزائر مع حراكهم القائم هناك. لهذا، يجب تهدئة الأوضاع من الجهتين، فمسألة الحدود هي إشكالية تاريخية، لكنها تناقش، ونحن جزائريون وهم مغاربة عبر التاريخ. وفي نهاية المطاف هو مغربنا جميعا، المغرب الكبير.
لنعد إلى بداية تشكل وعيكم السياسي وإلى الظروف التي واكبت تحولات المغرب في أربعينات وخمسينات القرن الماضي..
ولدت سنة 1940 بمدينة سلا، وسط جيل كان ملزما بالانغماس في الحياة السياسية، فكنا نناضل ضد الاستعمار رغم حداثة سننا. وبصفة خاصة في بداية الخمسينات حيث اشتدت الأوضاع توترا، كنت أقرأ لوالدي جرائده التي يحضرها، فهو لم يكن يجيد اللغة الفرنسية، فكنت أجلس بجانبه وأقرأ عليه ما جاء فيها. ومن خلال هاته العملية، استطعت تكوين رصيد معرفي وسياسي بما يجري حولي وحولنا .أضف إلى ذلك أننا، وبشكل عام، عشنا أصداء حرب فلسطين في سنوات 1948-1947 وقبل ذلك حرب الفيتنام، التي كنا نتابع أخبارها عبر إذاعة طنجة. عندما عاد السلطان محمد بن يوسف سنة ،1955 كان بن بركة في حزب الاستقلال يشرف على حملة تهتم بالتلاميذ البارزين، فكلّف شخصا لهذه المهمة هو أحمد اليابوري، الذي كان يجمعنا لنقوم بجولات ونزهات وعروض ونقاشات. وأتذكر أني قدمت عرضا عن الثورة الفرنسية وعمري لا يتجاوز 15 سنة.
حاوره غسان الكشوري
تتمة الحوار تجدونها في العدد 90 من مجلتكم «زمان»