كانت معظم الأراضي، في القديم، ملكا جماعيا للقبائل الأمازيغية، لكن بعد انتهاء مرحلة الفتح الإسلامي لبلاد المغرب انقسمت أنواع الملكية إلى أربعة هي أراضي الوقف وملكية الفئة الحاكمة وملكية فردية محدودة وملكية القبائل.
اهتمت السلطة المركزية الحاكمة في المغرب بالأرض خلال العصر الوسيط، نظرا لما كانت تدره من مداخيل لخزينتها، وما توفره من تحكم ومراقبة للمجال الخاضع لنفوذها. فكل السلالات المتعاقبة على عرش المغرب امتلكت أراض خاصة بها، فتصرفت فيها بكل حرية إما باستغلالها المباشر أو بإقطاعها للموالين لها من جنود وقبائل وأعيان وشرفاء وفقهاء. إنها تلك الأراضي التي نعتتها المصادر بـ«الضياع السلطانية»علما أن هذا المصطلح يحيل على السلطة وليس السلطان. كما عرفت أيضا بـ«المستخلص» لأنها استخلصت لخزينة الدولة بعدما تم استرضاء المستحوذين عليها من غزاة أو فاتحين. وجاءت كذلك باسم «أرض القانون» في إشارة لتلك الأرض التي فتحت عنوة (بحد السيف)، ويرجع للحاكم حق التصرف فيها.
قبل وصول الجيوش الإسلامية إلى المجال المغاربي، كانت معظم الأراضي ملكا جماعيا للقبائل الأمازيغية، باستثناء بعض الملكيات الخاصة التي استأثر بها زعماء القبائل قبل غزو الرومان للقسم الشمالي بالمغرب، حيث استحوذ هؤلاء الغزاة على أجود الأراضي الواقعة خصوصا في ضواحي المدن، واعتبروا ما دون ذلك ملكا عموميا، فمنحوا حق استغلالها لأصحابها الأصليين أو للمزارعين المنتفعين بها مقابل أداء ضريبة «الأنونة» (هي كمية من الحبوب كان تجمع فترسل إلى روما، ليتم توزيعها على الجنود وبعض فئات الشعب الروماني). ومع مجيء المسلمين، أصبحت القبائل المحلية لا تتمتع بملكية الأرض بل لها حق الانتفاع فقط. على هذا الأساس، صارت أراضي المغرب خاضعة لسلطة الخليفة الأموي، وباتت أموال الزكاة والخراج والجزية التي تجبى منها ترسل لبيت مال المسلمين في دمشق. واختلفت درجة خضوع هذه الأراضي للدولة الأموية حسب انتساب السكان المحليين للإسلام. لذلك، فالأراضي التي لم يسلم أصحابها فرض عليها الخراج باعتباره إيجارا، وكل من أسلم منهم كان ملزما بأداء الزكاة عن المحصول فيما حدده الشرع الإسلامي بالعشر.
إسماعيل زهير، باحث، كلية الآداب عين الشق الدارالبيضاء
تتمة الملف تجدونها في العدد 24من مجلتكم «زمان»