بغض النظر عن الفائزين والمنهزمين في انتخابات 4 شتنبر الأخيرة، يطرح السؤال حول موقعها في مسار الانتقال الديمقراطي. هل كانت لحظة تقدم أم تراجع عن هذا المسار؟
اتخذت الانتخابات المحلية الأخيرة طابعا سياسيا وطنيا لم يكن دائما معهودا في هذه الاستشارة ذات الطابع المحلي. بشكل مفاجئ، قرر عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، شخصيا، المشاركة مباشرة في الحملة الانتخابية لحزبه. كان مقررا في البداية أن يكتفي بالمشاركة في اللقاء الأول لتقديم مرشحي حزبه، ومهرجان خطابي واحد بمدينة تطوان، لكنه قرر مخاطبة الناخبين يوميا في أكثر من مدينة طيلة أيام الحملة الانتخابية.
بالنسبة لعبد الإله بنكيران، كان الرهان الأساسي للانتخابات الماضية يتمثل في استمرار التجربة التي بدأت معه، في ظروف استثنائية، سنة 2011. لم تكن المنافسة فقط بين أحزاب تتسابق لترؤس المجالس المنتخبة، بل بين توجهين متناقضين. توجه يسعي لحماية الحكومة الناشئة عن انتخابات 2011، وآخر يطمح لإسقاطها، بعدما سبق أن نجت من السقوط سنتين قبل ذلك.
هكذا يبدو العنصر الجديد الذي جاء به عبد الإله بنكيران ذا قيمة هامة بالنسبة للمعلقين والدارسين. لأول مرة يجد المغاربة أنسفهم أمام رئيس حكومة «ثرثار» يكشف أحداثا ويلمح لأخرى على درجة بالغة من الأهمية. من النادر، إن لم يكن من غير المسبوق في تاريخ البلاد الراهن، أن يكشف رئيس الحكومة، نفسه، أن حكومته كانت ستتعرض للإسقاط، خارج الآليات المؤسساتية، من طرف جهات لا يحددها بدقة، وإن كان يؤكد تموقعها في صف «الفاسدين». إلى عهد قريب، كانت مثل هذه المعطيات تظل حبيسة «الكواليس» السياسية، لا يطلع عليها الجمهور إلا في حالات نادرة بعد أن يكون بعض أطرافها قد غادر معترك السياسة.
على هذا الأساس، دعا رئيس الحكومة الناخبين لمواجهة الأطراف التي تسعى للتحكم في القرار السياسي ضدا على الإرادة الشعبية، وحاولت في سيبل ذلك إسقاط حكومته المنتخبة في 2011. ليس هذا التقاطب جديدا، فالتاريخ الراهن لبلادنا ليس سوى تاريخ الصراع بين المنطقين. منطق الإرادة الشعبية، مهما كان الحزب الذي يمثلها، ومنطق التحكم في القرار السياسي من فوق. لذلك يجري الحديث منذ عقود عن «انتقال» ديمقراطي، يفترض أن يسير بالبلاد نحو سيادة المنطق الأول واستقراره نهائيا. فأين تتموقع انتخابات 4 شتنبر 2015 في هذا المسار؟
إسماعيل بلاوعلي
تتمة الملف تجدونها في العدد 24من مجلتكم «زمان»