يرى المنصف المرزوقي، الرئيس التونسي السابق، أن الثورة التونسية فشلت نسبيا وأن بلاده مرت من استبداد فاسد إلى ديمقراطية فاسدة. في هذا الحوار، الذي خص به مجلة “زمان”، يحلل المنصف المرزوقي الثورة المضادة التي تعرفها تونس، وقال إنها تعيش الآن حالة إفلاس اقتصادي كبير، ووضعا سياسيا سيئا كذلك، لكنه شدد على قدرة التوانسة في أن يتداركوا أمورهم، وأن يجبروا النظام الحالي على التخلي عن السلطة، «وبذلك تتولى القوى النظيفة والنزيهة مقاليد السلطة وتعيد وضع تونس على السكة».
كيف ترى مستقبل تونس؟
لحد الآن يمكن أن نقول إن ثورتنا فشلت نسبيا، فقد مررنا من استبداد فاسد إلى ديمقراطية فاسدة، هذا هو الوضع. وقد قُدم هذا الفشل على أساس أنه نجاح باهر، لأننا بالمقارنة لم نعش الوضع الذي عرفته مصر أو سوريا أو اليمن أو ليبيا. وكوننا لم نصل إلى تلك الكارثة، اعتبرنا الأمر معجزة، لكن في الواقع لا يمكن أن نكون مثل مصر أو باقي الدول الأخرى لأسباب موضوعية. فمثلا لا يمكن أن يتحقق النموذج المصري لأننا نمتلك جيشا ملتزما وغير انقلابي، ولا يمكننا أن نكون مثل سوريا لأننا شعب متجانس وتسعون في المائة منه عرب ومسلمون وسنة مالكيون. نحن كذلك لسنا شعب قبائل وقبائل مسلحة كالحال في اليمن. إذن الظروف الموضوعية هي التي جعلت تونس لا تنفجر، ويصير فيها ما صار في مناطق أخرى، لكن في نفس الوقت ثورتها أجهضت بكيفية غير عنيفة إن صح التعبير. وعندما أقول أجهضت، فأنا أقصد غرفة العمليات التي سعت لذلك، والمكونة بالأساس من الإمارات والسعودية وإسرائيل. الربيع العربي في تونس أُفشل بالمال والإعلام الفاسد الذي أعاد المنظومة القديمة إلى السلطة. وبطبيعة الحال، دخلت حركة النهضة إلى هذه العملية لأنها كانت مرغمة، حيث مصير الإخوان المسلمين في مصر كان واضحا.
كيف تقيم الوضع الاقتصادي؟
تونس الآن في حالة إفلاس اقتصادي كبير، ووضع سياسي سيء كذلك. يدور اليوم صراع رهيب بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية على السلطة، وهما من نفس الحزب. هناك تفكك وصراع الأحزاب. فجاءت قصة المساواة في الإرث لتقسم التونسيين أكثر من كل إشكالية. المنظومة الحاكمة تريد أن تلهي الشعب بقضية المساواة في الارث، هذه هي القصة. ولكي تأخذ فكرة، فعندما كنت رئيسا للجمهورية عملت من أن أجل أن ينص الدستور على حذف عقوبة الإعدام، فلم يساندني أحد من هؤلاء الذين يتحدثون الآن عن المساواة في الإرث. هم يستعملون مسألة الإرث فقط للتلهية السياسية، وعندما يأتي الوقت لن تجدهم.
تتمة الملف تجدونها في العدد 60 من مجلتكم «زمان»