توارث السلاطين المغاربة شارات الملك، وأخذوا بعضها نتيجة احتكاكهم بالآخر. وفيما اندثر بعضها، برزت طقوس أخرى تعبر عن السؤدد والسيادة من قبيل العلم والنشيد.
تحكي كتب التاريخ أن رسولا من عظيم الروم حل بالمدينة إبان حكم الخليفة عمر بن الخطاب، واعتقد أنه سيكون لحاكم المسلمين قصر أو يحاط بأبهة، ووجده لا يختلف عن أي شخص، نائما تحت الشجرة. ومؤدى القصة أن الحكام العرب الأوائل لم يكونوا يعرفون الأبهة ولا ما يرتبط بالحكم من طقوس وشارات، إلا بعد احتكاكهم بالروم أو البيزنطيين أولا، ثم الفرس، فأخذوا عنهم طقوسهم، من أبهة وشارة ورسم (أي طقوس). وأصبح الخليفة أو السلطان يتميز في سكنه وملبسه، له طيلسان (عبارة عن تاج)، به قلادة وريشة، وصولجان (عصا الحكم)، وسرير الملك (عرش).
من المرابطين إلى العلويين
انتقل بعض من تلك الطقوس إلى حكام بني أمنية بالأندلس، وأصبح لها رسم (طقوس) مكرسة مع الخليفة عبد الرحمان الناصر الذي تسمى بأمير المؤمنين، وانتقل بعض من تلك الطقوس إلى المغاربة، في عصري المرابطين والموحدين، وأخد المغاربة كذلك في عهد أحمد المنصور الذهبي السعدي كثيرا من طقوس العثمانيين، بل مصطلحاتهم، مما أورده عبد العزيز الفشتالي في مناهل الصفا، وكان مما انتقل من الأندلس لقب “مولاي” يتخذه السلطان، ولو أنه سوف يعرف انزياحا في المعنى، ويصبح لصيقا بمن هو شريف، أي لمن ينحدر من عترة النبي. ظل رسم العلويين مشابها لما وضعه السعديون، وسعى السلطان سيدي محمد بن عبد لله أن يتأسى بسابقة السعديين، ويسأل مؤرخيه عن رسمهم كي يتمثله، ويتخذ مثلهم الشعراء يلهجون بحكمه، ويرفعون من إنجازاته.
حسن أوريد
تتمة الملف تجدونها في العدد 75 من مجلتكم «زمان»، يناير 2020