لم تُقدم أسرة تطوانية من الحُكام والعُمال مثل ما قدمته أسرة أشعاش. ذلك أنه ابتداء من أواخر القرن الثامن عشر وإلى زمن الحماية الإسبانية، لم يشارك هذه الأسرة في حكم تطوان وشمال غرب المغرب إلا أفراد قلائل من أسر قيادية تولت السلطة لفترات متقطعة.
يرجع أصل أسرة أشعاش إلى الأندلس، وإن لم تكن من الأسر الأندلسية الشهيرة التي كانت لها وجاهة في المجتمع بفضل العلم أو التجارة، أو حتى الرياسة. فيظهر أن الأسرة كانت من “عوام الأندلس” الذين لم يكن لهم شأن كبير في موطنهم الأصلي، ولم تبرز على الساحة إلا في وقت متأخر نسبيا. ويكتب أحد موظفي القنصلية الفرنسية بطنجة، وهو يقدم القائد عبد القادر أشعاش كسفير لمولاي عبد الرحمان إلى الحكومة الفرنسية، أن أسلاف الأسرة كانوا من «الموريسكيين الُمبعدين». وحتى أواخر القرن الثامن عشر لا نجد أثرا لهذه الأسرة في الحياة العامة للمدينة، وحتى المؤرخ محمد داود الذي تتبع بعناية كل الأسر التطوانية التي كان لها شأن في أمور المدينة لا يشير لها قبل سنة 1786 عندما قلد السلطان محمد بن عبد لله عبد الرحمان أشعاش قيادة تطوان. وعلى الرغم من أن مؤرخي المدينة يذكرون بأن عبد الرحمان هذا كان، آنذاك، قد جمع ثروة هائلة فإنه لم يعرف عنه أنه كان تاجرا مثل باقي أغنياء تطوان، بل كان، مثل أسلافه، يتعاطى لمهنة مرافقة أو قيادة القوافل التجارية، وهي مهنة قد تجعل صاحبها يمتلك وسائل النقل المتمثلة في البغال والجمال، مما يجعل منه عنصرا لا غنى عنه بالنسبة للتجارة والتجار، وحتى المخزن الذي يلجأ إلى خدماته في الكثير من المناسبات. ورغم أهمية هذه المهنة في وقتها إلا أنها لم تكن تحظى بالكثير من التقدير في المجتمع، وكان يشار إلى صاحبها بـ”الحمار” إذا أريد التنقيص من شأنه.
محمد المنصور
تتمة المقال تجدونها في العدد 78 من مجلتكم «زمان»