يسميه البعض بالثائر والمتمرد الذي قاد انتفاضة 1958 بشمال المغرب. ويصفه آخرون بأنه “خليفة الخطابي” لثورته على الظلم والاستبداد الذي طال أهل الريف. في هذا البورتريه، تعرض “زمان” سيرة القائد محمد سلام أمزيان، ملهم الريفيين وذاكرتهم الجماعية التي لا تنمحي.
عاش قائد ثورة الريف الثانية، محمد سلام أمزيان، ظروفا عصيبة، تخللتها المقاومة الريفية ورزوح المغرب تحت وطأة الاستعمار من الجانبين الفرنسي والإسباني. وكان قدره أن يرى النور في الفترة التي كان فيها ملهمه وقائده لاحقا، يصنع مجده بالريف. يقول سلام أمزيان عن نفسه: «ولدت يوم نفي عبد الكريم (الخطابي)… كان الجو مهيأ لأسمع ما يحكون عنه».
بداياته من فاس
ولد محمد سلام أمزيان، بحسب ما يحكي ابنه، في بيت متواضع بأيت ورياغل بمنطقة الريف، وبالتحديد بقرية أيت بوخلف في سنة 1925. درس بمسجد القرية كباقي أقرانه، وكان متفوقا ونبيها، حيث أكمل حفظ القرآن في سنة مبكرة، قبل أن ينتقل لتعلم الأدب واللغة العربية. عندما تأسس المعهد الأصيل أو الديني في مدينة الحسيمة، كان من بين الأوائل الذين التحقوا به، وسنه لا يتعدى العشرين عاما، حيث تلقى علوما أخرى ساهمت في تكوين شخصيته.
في منتصف الأربعينات تقريبا، انتقل سلام أمزيان إلى مدينة فاس، بتشجيع من صديقه الفقيه طحطاح، من أجل إكمال دراسته بجامعة القرويين، فتخرج منها بشهادة “العالمية”. حينئذ، وكباقي أفراد جيله، انخرط أمزيان في ما يهم قضايا الوطن والوطنية، وانكب على الاطلاع على أمجاد الخطابي وتاريخ منطقته بالريف. يقول محمد سلام أمزيان في إحدى رسائله لابنه عن فترة وجوده في فاس: «كنا في هذه الفترة طلاب القرويين، وكنا أيضا الشباب الواعي لواجبه الوطني بالاقتناع، وكنا نعيش الصراع المفتعل بين الزعامات السياسية، لا الوطنية… الحقيقة أننا في هذه الفترة كنا في قمة النشاط الوطني، ويحق للقرويين أن تسجل هذه الفترة على أنها الأوج في هذا النشاط».
كانت سنوات الأربعينات حافلة بالأحداث الدولية والوطنية. ففي منتصفها، انتهت الحرب العالمية الثانية تاركة آثارا وخيمة على اقتصاد البلدان، منها فرنسا وإسبانيا والمغرب. وخلالها أيضا عاد قادة الأحزاب الوطنية من منفاهم إلى المغرب واشتغلوا بشكل علني. كما قطع خطاب السلطان محمد بن يوسف بطنجة، في سنة 1947، شعرة معاوية مع الفرنسيين. وفي الوقت الذي كان فيه الوطنيون والمقاومة «متمركزين في المدن»، كان سلام أمزيان يصنع، بالموازاة مع ذلك، أمجاده في القرى وبين القبائل.
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 78 من مجلتكم «زمان»