تكتسي شهادة أحمد الطالبي المسعودي، الذي انخرط في حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية مبكرا، أهمية كبرى .فقد عاش تجارب وصراعات الحزب في أوربا، وفرنسا خاصة، كما عاش تداعيات أحداث 3 مارس 1973 بين باريس والجزائر. أيضا، كان حاضرا في كواليس من يخلف الرئيس الهواري بومدين بعد وفاته، قبل توجه صناع القرار في الجزائر إلى اختيار الشاذلي بن جديد .لكن دون أن يشفع له ذلك في عدم مذاق عذابات السجن ثم الخضوع لإقامة إجبارية طالت سنوات. هنا شهادته، بل شهاداته.
متى التحقت بالجزائر؟
زرت الجزائر لأول مرة بعد حملة الاعتقالات التي طالت مناضلي حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية في أواخر عام 1969، هربا بجلدي من بطش النظام… لكني عدت مرة أخرى للمغرب، قبل أن ألتحق بفرنسا. وهناك في باريس، بعد فشل المحاولة الانقلابية يوم 16 غشت 1972 قال لي الفقيه البصري، في لقاء مع محمد أيت قدور، إن الحزب، بلجنته الإدارية، قد انتهى بفشل الانقلاب، وطلب مني أن أتولى، وأنا والعربي عجول، ممارسة المهام التي كان يقوم بها هو في فرنسا وأوربا، وأخبرني أن النظام الجزائري يريد إقامة علاقات جديدة مع المعارضة المغربية. بعدئذ، توجه البصري إلى الجزائر في منتصف فبراير 1973، وبعد أحداث مارس من السنة ذاتها، دعاني للالتحاق به…
هل كان لهاته الدعوة علاقة بأحداث مارس؟
أبدا، فقد لاحظت أن البصري تحاشى الحديث عن المواجهات الدامية مع قوات النظام، التي استشهد فيها محمد بنونة ورفاقه. انحصر هدف اللقاء، الذي كان في إقامة فاخرة تدعى ”قصر مكناس” خصصت لإقامة الفقيه، في الأوضاع التنظيمية للحزب في الداخل والخارج ومستجدات الساحة الأوربية التي غاب عنها البصري لفترة. كان يسأل وأنا أجيب. ثم انطلق يحدثني عن اللقاءات التي عقدها في العديد من العواصم العربية، وعن لقائه الخاص بالرئيس الجزائري الهواري بومدين. قال لي إن الأخير رحب به كثيرا، وقال له إن خلافه مع الملك الحسن الثاني شخصي أكثر مما هو سياسي، ثم سأله عن طبيعة المرض الذي يعاني منه الملك، كما سأله عن الجيش المغربي، ونصحه بالعمل على وضع الجيش في الحسبان لأنه هو الوسيلة الأولى لتغيير الحكم في بلدان العالم الثالث. بومدين سأل أيضا عن عبد الرحمان اليوسفي، وفي الأخير طلب منه أن لا يكشف لأي أحد على مضمون حديثهما خاصة عبد العزيز بوتفليقة…
حاوره عمر جاري
تتمة الحوار تجدونها في العدد 122 من مجلتكم «زمان»