ما الذي يجعل مواطنا سودانيا يتكبد عناء التعرض للخطر والاعتقال والتعذيب في بلاد بعيدة عن مكان النشأة والولادة؟ من أين جاء بهذه الجسارة والشجاعة ليرهن نفسه لخدمة قضايا التحرر والمقاومة ضد الاستعمار في المغرب والجزائر؟
يحاول “البورتري“، الذي بين أيديكم، الإجابة عن بعض هذه الأسئلة المطروحة عن شخصية ومسار إبراهيم النيل أو إبراهيم السوداني كما عرف خلال مقامه في المغرب، والذي قام بأدوار هامة في تزويد الحركتين الوطنيتين في المغرب والجزائر بالسلاح.
لم يكن إبراهيم النيل مقاوما بالمعنى العسكري للكلمة، فهو لم يقاتل ولم يشارك في الحرب، لكنه مثله مثل التونسي حافظ إبراهيم لم يدخر أي مجهود في دعم المقاومة العسكرية في البلدين عن طريق تأمين السلاح، مستغلا خبرته في هذا المجال، وكذا براعته في الإبحار بالسفن. وقد دفع ثمن ذلك بقضاء عدة سنوات في سجون الاستعمار الفرنسي وبفقدان فرص الارتقاء المادي في تجارته. وحينما غادرت سلطات الحماية الفرنسية المغرب، استقر فيه لسنوات طويلة إلى أن توفي سنة 1983 في العاصمة البريطانية لندن التي انتقل إليها للعلاج.
وسط أسرة سودانية أنصارية عريقة، رأى إبراهيم محمد النيل النور سنة 1920 في حي الأمراء في مدينة أم درمان. فجده كان أحد قادة جيش الطريقة المهدية، وهي طريقة صوفية ظهرت في السودان سنة 1881، واضطلعت بدور سياسي هام في القضاء على السلطة السياسية الحاكمة آنذاك، فيما كانت جدته لأبيه شقيقة الزوجة الثانية للإمام المهدي مؤسس الطريقة الذي استطاع إذابة العصبية القبلية وتوحيد شتات القبائل السودانية المتناحرة في مواجهة الحكم التركي في عدد من المناطق والأقاليم السودانية.
عماد استيتو
تتمة المقال تجدونها في العدد 62 من مجلتكم «زمان»