يعتبر إدريس الخوري إحدى العلامات الراسخة في الإبداع المغربي .فقد تميز ”بّا دْريس”، كما يحلو لأصدقائه أن ينادوه، بنوع من الكتابة يركز فيها على الهوامش وشخصياته أكثر من الانبهار بأضواء المركز. هنا، يعود ”بّا دْريس” إلى خطواته الأولى في درب غلف حيث رأى النور، وكيف استطاع، وهو الذي حالت ظروف عائلته المادية دون أن يكمل دراسته، أن يجد نفسه وسط الخريجين في جريدة ”العلم”، قبل أن ينضم عن جدارة واستحقاق إلى دائرة المبدعين المغاربة على ضيقها آنذاك.
«تاريخ ازديادي كما هو مدون في بطاقة التعريف الوطنية هو 1 يناير ،1940 غير أنه قيل لي إني ازددت في منتصف سنة ،1939بدرب غلف في مدينة الدار البيضاء، من عائلة داودية فقيرة قدمت من منطقة “قيصر“ في نواحي سطات. بالإضافة إلى الأب والأم، فقد كانت عائلتي تتكون من خمسة أفراد، بينهم بنت وأنا خامسهم .وحسب ما حكت لي شقيقتي الكبرى فاطنة، فقد كنت طفلا أبيض البشرة، مثل شقيقي الأكبر عبد القادر، الذي تكفل بي في البداية بعد وفاة والدي، وكان هو من أدخلني إلى الكُتاب لحفظ القرآن الكريم. وبالفعل حفظت كتاب الله عن ظهر قلب بكامله، أي ستين حزبا، أو كما يقول المغاربة “خرجت السلكة“. نسيت الآن الكثير من السور، لكن ما زلت أحفظ ما تيسر من الآيات».
هناك حياة في درب غلف
«بعد “الجامع“، كما كنا نسميه، أدخلني أخي عبد القادر، الذي كان يعمل في المرسى، إلى مدرسة حرة بدرب غلف، قبل أن ألتحق بمدرسة أخرى بدرب السلطان كانت تسمى “معهد الرشاد العلمي“، وكانت قريبة من حديقة لارميطاج. وقد درست فيها حتى الثانية ثانوي، غير أن ظروفا عائلية أجبرتني على مغادرة فصول الدراسة. فقد كان زوجة أخي السي محمد تقسو علي، وتتركني عرضة للجوع .هكذا، وجدت نفسي مضطرا لأذهب عند أختي فاطنة، التي كانت تقطن رفقة زوجها في المدينة القديمة، مشيا على قدمي، لآكل عندها وأشرب. كان زوجها رؤوفا بي، وكان يعاملني مثل ابنه. كما كان يمدني ببعض النقود لأعود في “الطوبيس“ إلى درب غلف.
عمر جاري
تتمة الحوا تجدونها في العدد 41 من مجلتكم «زمان»