أثار وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق جدلا حول قضية الربا في المعاملات البنكية، إذ اصطف بعض الإسلاميين ووجهوا سهام نقدهم إلى ما ذكره الوزير.
تعود أطوار القصة إلى درس افتتاحي ضمن سلسلة الدروس الحسنية، ألقاه أحمد التوفيق أمام الملك يوم 15 مارس المنصرم، بعنوان “تجديد الدين في نظام إمارة المؤمنين“. ولم تكن قضية الربا هي القضية المحورية في درس الوزير، وإنما جاءت خلال عرضه لكيفية عمل إمارة المؤمنين منذ أزيد من عقدين من الزمن، في باب حفظ الدين الشامل للحياة وتجديده، وذلك من خلال عشرين قضية معيشية ذكرها الوزير، من بينها قضية المعاملات البنكية، فقال إن «بعض المتكلمين في الدين قد أحرجوا ضمير المسلمين بالقول إن الربا هو الفائدة على القرض بأي قدر كانت، مع العلم بأن حكمة القرآن جاءت للقطيعة مع ممارسة كانت شائعة في بعض الحضارات القديمة وهي استعباد العاجز عن رد الدين بفوائد مضاعفة» .وأضاف أنه في عصرنا الحالي فإن الاقتراض «معظمه للضرورة أو الاستثمار، وفي ما عدا ثمن الأجل ومقابل الخدمات، فإن الفائدة تقل بقدر نمو الاقتصاد في البلد».
لم يدخل الوزير في مسائل تتعلق بالتأصيل الفقهي لهذه القضية، بل استحضرها للتأكيد على أن التجديد الذي قامت به إمارة المؤمنين في هذا الباب يكمن في كونها أحدثت «معاملات بنكية تسمَّت بالمالية التشاركية»، معضدا قوله بأن المرجع الفقهي للمعاملات البنكية في المغرب «هو المجلس العلمي الأعلى الذي أصدر لحد الآن أكثر من مائة وسبعين فتوى في الموضوع».
من جانبهم، ترك الإسلاميون كل ما ذكره الوزير في درسه الغني، ولم يثرهم أي موضوع آخر إلا هاته “الجزئية“ من بين عدة مواضيع حول تجديد الدين وأدوار إمارة المؤمنين، فقاموا بالرد عليه. على أن بعضهم لا يمثل وزنا في الشأن الفقهي، فإن أحدهم كان وزيرا وزميلا لأحمد التوفيق في ولاية حكومية سابقة، هو نجيب بوليف عن حزب “العدالة والتنمية“، ادعى اطلاعه العلمي بالموضوع فخصص مقالا طويلا للرد على «ربا الوزير». كما أن أصواتا أخرى، أكثر سلفية من بوليف، قامت للرد ومناقشة أفكار الوزير، معتبرين أفكار التوفيق آراء شخصية اجتهد فيها وأخطأ، في حين قام إسلاميون آخرون “معتدلون“ بالدفاع عن موقف الوزير باعتباره متأثرا بآراء كبار المجتهدين في العالم الإسلامي. الوزير بطبيعة الحال لم، ولن، يدخل مع المنتقدين في حرب فقهية ويرد عليهم، فقد اكتفى بالقول إن المجلس العلمي هو الذي أصدر فتواه سابقا. مع التذكير أن بعض المصادر المتابعة للقضية بين الطرفين، أشارت أن حملة الانتقاد بالرغم من أنها محدودة، إلا أن من يقفون وراءها لهم دوافع سياسية من داخل التيار الاسلامي.
على مستوى الشكل، يعتبر البعض درس الوزير في حضرة الملك ليس ندوة أكاديمية، والدروس الحسنية ليست قانونا أو تشريعا أو خطابا رسميا؛ إذ طالما اختلف الملك الراحل الحسن الثاني مع بعض العلماء الذين ألقوا دروسا أمام حضرته في بعض الجوانب من محاضراتهم.