في خطاب لليوطي، المقيم العام الأول بالمغرب، مُوّجه لمساعديه، عقب توليه شؤون المغرب، قال ما معناه: «ضعوا في الحسبان أن من يقعون تحت إمرتكم هم حفدة ابن طفيل وابن رشد وابن خلدون..».
كان ليوطي يدرك العمق الثاوي في وجدان المغاربة، والذي هو نفحة من الأندلس الإسلامية، كبذرة من نبت استوى في الأندلس، وانتهت البذرة بأن سكنت التربة المغربية. طبعا لا يمكن الزعم أن الأرض المغربية كانت خلاء، وأن التأثير كان يأتي حصرا من عدوة الشمال إلى عدوة الجنوب .كان هناك تفاعل بين العدوتين وتكامل، وأغنت عدوة الجنوب عدوة الشمال، مثلما اغتنت عدوة الجنوب من عدوة الشمال. ولذلك، لا يمكن الزعم، كما يذهب البعض إلى تضارب ما بين الثقافة الأندلسية والثقافة الأمازيغية، ويدللون على ذلك، بنموذج المعتمد بن عباد، الذي يرمز حسب هذا الطرح، للثقافة الأندلسية، وما قد يطبعها من بهرجة ودسيسة، ومن جهة نموذج يوسف بن تاشفين رمز الثقافة الأمازيغية، وما يتصف به من بساطة وعمق .الأمور أعقد من ذلك، أو أبسط، حسب الزاوية التي يُنظر لها، إذ الحضارة الأندلسية المسلمة، تجلي للعبقرية الأمازيغية–الإيبيرية على السواء، تم التعبير عنها حينها، في أوجه الثقافة العالمة، باللغة العربية .ويُحمد لبعض المثقفين الشباب من دعاة البعث الأمازيغي بالمغرب، تبينهم للتراث الأندلسي.
لندعْ موضوعا شائكا، قد يتوزع بشأنه الفاعلون الثقافيون .لا يمكن إنكار البعد الأندلسي في بلاد المغرب قاطبة، والمغرب خاصة، وهو الأمر الذي حدا بواحد من كبار المثقفين الإسبان، ممن قضوا ردحا غير يسير في المغرب، وسلخوا جزءا كبيرا من حياتهم الأكاديمية، في دراسة مظاهر التراث الأندلسي في المغرب، رودلفو خيل بن أمية في كتاب له يحمل عنوان “المغرب الأندلسي“، –نقله إلى العربية العميد عبد السلام بنحدو– إلى القول بأن المغرب هو استمرارية للأندلس المسلمة، في الجغرافية طبعا، وفي التاريخ كذلك، أو في المكان والزمان، ومن ثمة في الوجدان .فالمغاربة، حسب هذا الباحث، إسبان يتكلمون في جزء كبير العربية، والإسبان مغاربة يتكلمون الإسبانية.
حسن أوريد
تتمة المقال تجدونها في العدد 105 من مجلتكم «زمان»