اشتهر الجبل الأخضر ببلاد دكالة بوفرة مياهه وكثافة أشجاره وكثرة وحيشه، مما جعله مقصدا للنساك ومتنزها للسلاطين، كما أنه كان ملجأ ومعتصما للفارين من الفتن والحروب، غير أن تبدل الأحوال وتغيرها، مع توالي السنين، أزال تلك المباهج وأخفى محاسنها.
ينتصب الجبل الأخضر بالجهة الشرقية من المجال الطبيعي الفسيح المعروف بدكالة، شرق بلدة سيدي بنور، لا يتجاوز ارتفاعه عن سطح البحر 697 مترا. وقد اعتبر الحسن الوزان هذا الجبل حدا فاصلا بين دكالة وقسم من منطقة تادلا. يحد هذا الجبل من الناحية الشرقية وادي أم الربيع، ومن الجهة الغربية جبل هسكورة الذي يفصل بين أراضي دكالة وبلاد تادلة. وقد وصف البرتغالي المجهول الذي عاش في القرن السادس عشر الميلادي، الجبل الأخضر بقوله: «يُقْطَع الجبل الأخضر في أقل من ساعة، ويبرز وسط سهل دكالة الذي يحاذيه طيلة أربع أو خمس مراحل، وهو مرتفع ومليء بالصخور». اعتاد المغاربة على تسمية هذا المرتفع بالجبل الأخضر، وذلك تبعا للخضرة التي تكسوه، بفعل انتشار غابات كثيفة من الأشجار المتنوعة من صنوبر وأرز وعناب السدر وغيرها. يسود بالجبل الأخضر ومحيطه، رغم البعد النسبي عن ساحل البحر، مناخ متوسطي حار وجاف صيفا ورطب وبارد شتاء، وتزيد هذه الخصائص حدة كلما كان التوغل في اتجاه الشرق أو الجنوب، كما أن نسبة التساقطات تقل تبعا لمجموعة من العوامل المتداخلة فيما بينها، مما من شأنه الكشف عن طبيعة الغطاء النباتي المنتشر بذلك الجبل الذي وُسِم منذ فترات تاريخية، نجهل تفاصيلها، بالجبل الأخضر، كناية على أنه كان مكسوا بأشجار كثيفة ونباتات تغطي سحنة الأرض وتحجب لونها الترابي.
عبد المالك ناصري
تتمة المقال تجدونها في العدد 134 من مجلتكم «زمان»