اختار المغاربة قراءة القرآن جماعة في المساجد، بمعدل حزبين في اليوم، صبحا ومغربا، وذلك ما سموه بـ”الحزب الراتب”، غير أن المشارقة اعتبروا تلك القراءة مخالفة لمنهج النبي في التلاوة، فيما ذهب السلفيون المغاربة إلى محاربتها في المساجد التي كانوا يسيرونها.
رغم أن منشأ الإسلام ومصدره كان من بلاد المشرق، إلا أن المسلمين ببلاد المغرب ابتكروا وابتدعوا بعض العادات والطقوس الدينية التي لم يعرفها المشارقة، وليست معهودة عندهم، مما أدى، في كثير من الأحيان، لاحتدام الجدل حول مشروعيتها ومدى موافقتها لـ“الدين الأصلي“ الذي كان عليه المسلمون الأول، وعدم دخولها في مفهوم “البدعة“ التي حذرت منه عدد من النصوص الدينية خصوصا منها المرويات النبوية. ومن أشهر هذه الطقوس وأكثرها انتشارا، قراءة الحزب أو ما يعرف بـ“الحزب الراتب“، وهي القراءة الجماعية اليومية بالمساجد لحزبين من القرآن الكريم بصوت واحد ونغمة موحدة، سواء منها اليومية التي تكون بعد صلاة الصبح وصلاة المغرب، وتكون بعد العصر بدل المغرب شهر رمضان، أو الأسبوعية التي تكون قبل صعود الخطيب إلى منبره يوم الجمعة، ويقودها إمام المسجد بافتتاحه للقراءة بصوت مرتفع، ثم يشترك معه المتحلقون حوله سواء من حفظة القرآن أو الطلبة المبتدئين، أو حتى من عموم رواد المسجد الذين يستعينون بالمصاحف.
وقد لقي هذا الطقس مقاومة من بعض التيارات الدينية، خصوصا منها الإيديولوجيات السلفية القادمة من المشرق، والتي حاربت هذا الطقس وحاولت إلغاءه في عدد من المساجد التي كانت تسيرها، بدعوى أن هذه القراءة بدعة محدثة، وأن طريقة القراءة بها تخالف التعاليم الدينية، لكن ذلك لم يمنع من استمرار هذه القراءة إلى اليوم، بل جعلها أحد الواجبات الوظيفية للإمام. ومتى تخلف عن أدائها، كان ذلك موجبا لاستبداله. كما اعتبرت هذه الطريقة وسيلة أساسية في تحفيظ القرآن وتدريسه بالكتاتيب والمدارس العتيقة.
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 114 من مجلتكم «زمان»