وصل التبغ إلى المغرب من بلاد السودان في عصر السعديين، لتبدأ قصة سجال بين العلماء والسلطة، وأحيانا بين العلماء أنفسهم حول جواز استهلاكه والاتجار فيه.
يثير البحث في أصول ظهور الدخان في المغرب مشاكل متعددة على المستوى المعجمي. ويرى الباحث أحمد أشعبان، أستاذ التاريخ الوسيط وعلم الآثار، أنه توجد مجموعة من المصطلحات التي تستعمل لنفس الغرض أي التدخين، ومن بينها: الدخان والتبغ والحشيش والكيف. إضافة إلى مجموعة من الأسماء التي أشار إليها محمد حجي في “الحركة الفكرية بالمغرب في عهد السعديين”. إذ كتب حجي: «وسماه بعضهم أيضا الطبغ وطابة والطابغة، والتوبغة والدخان». أما فيما يخص الأدوات المستعملة في التدخين فلم يعرف منها سوى مصطلح الغليون. وأما لفائف التدخين فكانت تصنع من النبات وليس من مادة مختلفة. فيما لم تظهر السيجارة إلا في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي.
التبغ يصل من السودان
عند البحث في المصادر والأبحاث والدراسات التاريخية عن النصوص المكتوبة التي قامت بمقاربة هذا الموضوع أو الإشارة أو التطرق إليه، يُلاحَظ نقص شديد، بحيث أن ما كتب عنه لا يشفي الغليل. وإذا كان هناك شبه اتفاق بين الباحثين على أن كريستوف كولمبوس هو من نقل بذرة التبغ من أمريكا اللاتينية إلى باقي دول العالم. فإن هناك نوعا من التضارب في الروايات التاريخية التي تناولت تاريخ وصول التبغ إلى المشرق والمغرب. تزعم بعض الروايات بحسب ما كتب الباحث أحمد أشعبان أن الأوروبيين هم من أوصلوا نبتة التبغ إلى إفريقيا ومنها إلى المغرب، وبعدها إلى دول المشرق العربي وعلى رأسها مصر. ومنهم من يرى أن هذه النبتة وصلت إلى مصر والمشرق مباشرة عن طريق الأوروبيين، من دون ذكر لإفريقيا جنوب الصحراء و لا للمغرب. غير أن محمد أشعبان يميل إلى ترجيح ما نشرته المصادر المغربية التي تحدثت عن ظهور هذه النبتة في زمن السعديين، لأن هذه المصادر، بحسب الباحث، تعود للقرن السابع عشر، وتتحدث عن واقع ملموس، وليس عن افتراضات.
تتمة الملف تجدونها في العدد 57 من مجلتكم «زمان»