يكشف المفكر المغربي عبد الله العروي، في آخر إصداراته، معطيات وإضاءات جديدة تتعلق بمحطات في تاريخ المغرب الراهن، وببعض رجالاته.
نشر عبد لله العروي، المؤرخ والمفكر الأبرز، في مؤلفه الجديد “Le Nationalisme Marocain” نصوص حوارات كان أجراها مع كل من عبد الرحيم بوعبيد وعلال الفاسي أثناء إعداد مؤلفه المرجعي ”الأصول الاجتماعية والثقافية للوطنية المغربية” في مطلع السبعينات من القرن الماضي. تتمحور هذه الحوارات حول ظروف وأسباب نشأة الشعور الوطني، والحركة الوطنية، تطوراتها ومآلاتها، وتتضمن معلومات جديدة حول كواليس بعض المحطات الأساسية في تاريخ المغرب الراهن. لعل أبرز تلك الكواليس تأكيد علال الفاسي الأطروحة القائلة بأن الفرنسيين كانوا يعتزمون، حسبه، «استعمال الخطابي للضغط على السلطان محمد الخامس»، ولذلك نقلوه بشكل مفاجئ من منفاه في جزيرة لاريونيون نحو فرنسا، قبل أن يتم «تهريبه» في ميناء بورسعيد ويصبح لاجئا في القاهرة حتى وفاته بها. «كان إفشال هذا المخطط، تحديدا، هو سبب سفري إلى القاهرة»، كما يقول الفاسي في هذا الحوار مع العروي، مستفيضا في الحديث عن علاقاته المتوترة مع الخطابي في القاهرة، ومشيدا في نفس الوقت بشجاعته وقدراته الكبيرة على التنظيم والتخطيط والتعبئة.
أما عبد الرحيم بوعبيد فكان أكثر سخاء في تجاوبه مع أسئلة العروي، وتقديم إضاءات جديدة حول بعض الأحداث، مؤكدا أن الاستقلال لم يكن منتظرا. فتقديم عريضة المطالبة بالاستقلال سنة 1944 كانت تهدف ”بكل بساطة إلى تنبيه الرأي العام الدولي، لأننا لا نقبل استمرار الوضع على ما هو عليه، بعد الحرب العالمية الثانية، ولم نكن ننوي الانتقال إلى الفعل. لا شيء كان محضرا في هذا الاتجاه. لولا الاستفزازات الفرنسية، كان الهدوء سيظل سائدا في البلاد. ما كان للحركة أن تتوسع وتتعمق، وكنا سننتظر نهاية الحرب (العالمية الثانية) لنبدأ مفاوضات حول مطالبنا. ما كان السلطان ليطالب بنهاية نظام الحماية حالا”.
يأتي نشر هذه الوثائق في نطاق اهتمام العروي، اليوم، بمستقبل الوطنية والدولة الوطنية المغربية، من خلال الأسئلة التي طرحها على زعماء الحركة الوطنية في السبعينات، منبها في تقديم الكتاب إلى أن هذا هو الإطار الذي يجب أن تقرأ فيه إجاباتهم اليوم. وعاد العروي ليطرح نفس تلك الأسئلة على نفسه اليوم في مؤلفه المرتقب ”استبانة”، والذي سبق أن خص مجلة ”زمان” بمقاطع مختارة منه.