ما علاقة النكتة بالمقدس، كان سياسيا أو دينيا؟ ما هو تاريخ الضحك وما هي جغرافيته؟ وماذا يربط نكت الأمس البعيد بنكت اليوم؟
لا يعدم الباحث أن يجد ما يؤكّد أهمية الفكه والضحك في العديد من الثقافات. فقد قيل عن ديمقريطس أنه كان يتوسّل الضحك سبيلا لغايات جدّية، كما اعتبر أفلاطون الضحك أخطر أداة تهدد سلطة المدينة، وكان أرسطو، مبدع الكوميديا، من المدافعين عن الاسترخاء والتسلية دون تهريج أو صلف، ناهيك عن سقراط أب الفلسفة اليونانية المبتكر للسخرية كأداة إقناع. في الغرب، منذ المسيحية المبكرة إلى نهاية العصر الوسيط، ظلّ السؤال اللازمة مطروحا: هل حدث أن ضحك المسيح، ولو مرة واحدة في الحياة الدنيا؟ وهو سؤال ذو دلالة لا تخفى تبعاته. ففيما لو لم يضحك طيلة حياته، وهو النموذج الأعلى، آنذاك يكون الضحك “غريبا“ عن الإنسان. وبشكل عام، هناك مرحلة أولى تمتد إلى غاية القرن العاشر، عبرت فيها الكنيسة عن رفضها للضحك، معتبرة إياه أمرا خطيرا .والسبب، يقول الباحث جاك لوغوف.
خلافا لتصورات بيرغسون وفرويد، هو ارتباطه الخطير بالجسد، غير أنّ هذا الحظر لم يمنع الرهبان أنفسهم من ممارسة الضحك والاستمتاع به داخل الأديرة، بل إنهم دوّنوا نكاتا خاصة بهم “ “Les joca monacorum تشهد عليها وثائق تعود للقرن الثامن. ومع بداية القرن الثاني عشر، بدأت مرحلة جديدة شهدت بوادر التحرر من رقابة الكنيسة نتيجة مسلسل الدنونة “Sécularisation” وظهور آداب باللغات العامية، وذلك رغم محاولات الكنيسة التحكم في هذه الظاهرة بتقنينها لها، وتمييزها بين ضحك مشروع وضحك شيطاني. والنتيجة، تشظي الضحك والفكاهة عموما إلى صنفين، أولهما ديني مقدس يعود لخاصة القوم، وثانيهما دنيوي مدنس يخص عامة الناس.
عز الدين العلام
تتمة المقال تجدونها في العدد 117 من مجلتكم «زمان»