حاول عبد الخالق الطريس المساهمة تقديم تصورات لإصلاح التعليم، عمل فيها على النهل من نواة التعليم بالشرق العربي واستلهام عناصر الثقافة الإسبانية.
شغلت المسألة التعليمية حيزا كبيرا من اهتمامات رجالات العمل السياسي المغربي خلال فترة الحماية والاستعمار الإسباني، حيث ضمنت أعداد صحف الوطنيين الأولى العديد من المقالات المرتبطة بمجال إصلاح التعليم، وخاصة عند افتتاح السنة الدراسية، فأنتجت بذلك كما هائلا من الدراسات المرتبطة بهذا المجال. كان أبرزها التصور الذي جاء به عبد الخالق الطريس حول مسألة إصلاح التعليم بالمنطقة الخليفية، مع تحديده لموقع التعليم الأولي من هذا الإصلاح. فما هي طبيعة ومرتكزات ذلك التصور؟ وكيف توافق مع تصور الإدارة الإسبانية لإصلاح التعليم بالمنطقة الخليفية؟ لفهم أحد عناصر هذا التصور حول المسألة التعليمية بالمنطقة الخليفية، يمكن الوقوف على ما جاء به الطريس ضمن العدد الأول من صحيفة الحياة، التي تضمنت دراسة شمولية لإصلاح التعليم، وتكمن قيمة هذا التصور في وضع الصحيفة له ضمن اهتماماتها انطلاقا من عددها الأول الصادر عام 1934. ولعل ما يثير الانتباه هو توطئة المقال، فهو عبارة عن محاضرة في الموضوع، أصلها عمل كُلف به من طرف الدوائر العليا لعرضه، فحالت أسباب غير معلومة من إلقائه، وهو ما جعل الصحيفة تضعه ضمن عددها الأول، وتنشره ضمن سلسلة متواصلة مع صدور أعدادها. فما هي حيثيات ومضامين هذا الإصلاح؟
يعتبر تصور الطريس أن قضية التعليم في المنطقة الخليفية بدأت منذ بداية الاحتلال، وعولجت في الكثير من الأحيان، غير أن رجال الحكم المستقل لم يولوها أي اهتمام، رغم ما قدم إليهم من نصائح من الداخل والخارج. وظل الوضع على ما هو عليه إلى أن فُرضت الحماية على المغرب لمساعدة السلطان في إدخال الإصلاحات اللازمة لتكوين الأمة. غير أن مرحلة بداية الحماية التي عرفت، من منظور الطريس، إرساء العناصر الأولى لإصلاح التعليم، لم يواكبها وجود أطر كافية قادرة على القيام بالدور التعليمي، فضلا عن عدم وجود معاهد لتكوين النشأ. بل أكثر من ذلك، كانت الحكومة غافلة لما يمكن أن تجنيه من تعليم الرعايا. بمعنى آخر، فإن وضع التعليم بالمنطقة الشمالية، كان من بين أولويات الحكومة الإسبانية، غير أن عدم فهم إيجابيات إصلاحه من قبل رجال المخزن، أعاقه في مراحله الأولى. فهل أصبح هذا الإصلاح ضروريا بعد مقدم الجماعة الوطنية؟
محمد براص
تتمة الملف تجدونها في العدد 60 من مجلتكم «زمان»