صبيحة يوم الأحد 11 يوليوز ،2012توفي طبيب مغربي كبير .الأمر يتعلق بالجنرال الأستاذ والطبيب مولاي إدريس عرشان. القصة التي سنحكيها، هنا، هي قصة حقيقية بعيدة عن صنع الخيال. قصة تجمع ما بين خمسة أشخاص: الملك الحسن الثاني، والجنرال الطبيب – البروفيسور مولاي إدريس عرشان، والصحافي خالد الجامعي، والوزير إدريس البصري، ومرض الهيموفيليا وعبد ربه .بعض الشهود على هذه القصة ما زالوا أحياء يرزقون.
ذات يوم من بداية التسعينات، قدم إلى مقر جريدة “لوبينيون“ رجل في مستهل الخمسينات من عمره يبحث عن أذن صاغية ليحكي لها الخطب الجلل الذي ألم به. كان مكسور الخاطر، ترتسم على محياه البئيس المنهك علامات الحسرة والانسحاق، وتنهمر من مآقيه الذابلة دموع غزيرة حارقة. كان رئيس التحرير وقتذاك هو خالد الجامعي الذي ودعنا قبل أسابيع، وهو كما يعلم الجميع، الصحافي الكبير الذي كان يتمتع بأريحية كبيرة وسعة صدر عظيمة في الإنصات إلى هموم الناس.
جلس خالد الإنسان مندهشا ينصت في ذهول إلى الرجل الذي فقد ثلاثة أطفال؛ فغداة كل ختان أحد أبنائه الثلاثة، يظل الدم يسيل بدون انقطاع حتى يجف من جسم الطفل المسكين إلى أن يخطفه الموت أياما قلائل بعد ذلك. والمأساة هي أن الأب المكلوم لم يكن يدرك أن أبناءه مصابون جميعهم بالهيموفيليا (وهو مرض خطير يتميز بسيلان الدم بدون انقطاع من الشخص المصاب به عند أي جرح بسبب عدم تخثر الدم).
هكذا، تفهم خالد الجامعي عمق المأساة وفداحتها، فأخذ قلمه الجريء، وانكب على جريدته يكتب مقالا تلو آخر، مجهدا نفسه لتحسيس المسؤولين والمغاربة عموما بهذا المرض المجهول والخطير. وصادف في تلك الآونة، بالذات، أن كان عبد ربه يسهم في جريدتي “العلم“ و“لوبينيون“ ببعض المقالات المتعلقة بمجال التوعية الصحية. سرعان ما أعطت مقالات الجامعي، في نهاية المطاف، أكلها، لا سيما وأن الوالد المنكوب كان قد أوشك أن يتخذ من مقر الجريدة في شارع علال بن عبدا لله وسط العاصمة الرباط منزلا ثانيا له.
محمد أنور الشرقاوي
تتمة المقال تجدونها في العدد 96 من مجلتكم «زمان»