حكم المولى يوسف المغرب، مدة 15عاما، لم يكن اختياره لتولي العرش عبثا، إذ رأى فيه الفرنسيون رجلا أكثر انقيادا وصاحب كاريزما ضعيفة .ورغم طول فترة حكمه، إلا أن «سلطان الفرنسيين»، وهو اللقب الذي أطلق عليه، يبدو كما لو محي من صفحات التاريخ الرسمي.
على بعد خطوات قليلة من القاعة التي وقع فيها المولى عبد الحفيظ على عقد الحماية مع فرنسا سنة 1912، يرقد رفات السلطان المولى يوسف. يحتل هذا السلطان مكانا متواضعا في تاريخ السلالة العلوية. وتحيط بحقبته كثير من مناطق الظل والغموض، دون أن يستطيع المؤرخون، مغاربة وفرنسيين، التخلص من الصورة النمطية حوله كسلطان «شبح»، وحدها العناية الإلهية وضعته على العرش. لا يحاول الباحثون السير أبعد من هذه الصورة النمطية، التي تشكلت حول المولى يوسف، من أجل فهم طبيعة الرجل، وتحليل أفكاره، وسبر أغوار شخصيته. فلا جرد، مثلا، للإنجازات السياسية والدينية التي تمت في عهده، وكأن هناك إجماعا على نطاق واسع من قبل المؤرخين على عدم الاعتراف بأي دور شخصي للمولى يوسف في الإصلاحات التي شهدتها الفترة بين سنتي 1912 و1927. انطلاقا من هذه النظرة، يبدو الرجل كما لو فقد وظيفته الأساسية الأولى، وظيفة رئيس الدولة. فلا يبقى منه إلا الاسم الشريف، كحلقة منسية بين شخصيتين رئيسيتين في تاريخ المغرب: المولى عبد الحفيظ وسيدي محمد بن يوسف. الأول ينظر إليه على أنه هو من قاوم ثم سلم المغرب إلى الفرنسيين، والثاني من نجح في هزمهم بعد أربع وأربعين سنة. وما بين هذين الشخصيتين، لا يوجد شيء. شخصية أخرى ساهم دورها وكاريزميتها المفرطة، في هذه الفترة، في التغطية على وجود المولى يوسف، هي شخصية المقيم العام هوبير ليوطي، الحاكم الحقيقي في مغرب الحماية.
سامي لقمهري
تتمة المقال تجدونها في العدد 21 من مجلتكم «زمان»