اشتهر الغرب الإسلامي بغزارة التأليف في قضايا النوازل التي عرفها المجتمع وأثارت قلق الناس. وقد أفادت تلك الفتاوى المؤرخين والفقهاء والقضاة والمفتين أنفسهم.
النوازل الفقهية هي الوقائع والمستجدات الحادثة التي يعرفها المسلمون فتعرض على الفقيه، فيستخرج لها حكما فقهيا، وقد امتازت منطقة الغرب الإسلامي بغزارة التأليف في هذا الباب، مما جعلها مادة خصبة للمؤرخ يتعرف من خلالها على قضايا المجتمع وانشغالاته وإشكالياته في زمن معين، كما أنها كانت مصدرا للفقيه والمفتي والقاضي في التعامل مع ما يطرح بين أيديهم من قضايا وأحكام. ما أصل مصطلح النوازل الفقهية؟ وما هي مرادفاته أو الألفاظ ذات الصلة؟ وما هو تاريخ تدوين كتب النوازل؟ وما هي خصائص هذا النوع من التأليف؟ وما هي منهجية فقهاء المغرب في تلقي الأسئلة والإجابة عنها؟
النازلة في الاصطلاح الفقهي هي ما ينزل بالناس من قضايا في الدين والسياسة والاقتصاد والاجتماع، فتحدث قلقا وخوفا، فيلجؤون إلى الفقهاء لمعرفة آرائهم وأحكامهم الدينية في الموضوع، وهو ما يعيد الاطمئنان والسكينة لأفراد المجتمع، لما كان للفقيه من سلطة معنوية.
لا يقتصر اسم هذا النوع من التعاطي الديني مع القضايا المستجدة بالنوازل، وإن كانت أشهرها، فتسمى أيضا بالفتاوى، وهي الأجوبة على بعض الإشكالات الدينية، ومنها فتاوى ابن أبي زيد القيرواني (المتوفى 996م)، وفتاوى ابن رشد (المتوفى 1126م)، وفتاوى الشاطبي (المتوفى 779م) وفتاوى البرزلي (المتوفى 1440م). وتسمى أيضا بالأجوبة، أو الجوابات، أو الأسئلة، أو الأسئلة والأجوبة، ككتاب الأجوبة لأبي الحسن القابسي (المتوفى 1012م)، والأسئلة لمحمد بن إبراهيم بن عباد (المتوفى 1390م)، وكتاب “أسئلة وأجوبة“ لأحمد بن قاسم الجذامي (المتوفى 1377م).
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 92 من مجلتكم «زمان»