شهد المغرب حالات لسجناء أضربوا عن الطعام احتجاجا على ظروف اعتقالهم ودفاعا عن قضيتهم بشكل أساس، فنجح بعضهم ونال مطلبه وحريته، بينما فقد آخرون حياتهم أو خابت آمالهم .لكن ما هي جذور فكرة الإضراب عن الطعام؟ وما مدى ارتباطها مع قضايا جوهرية: كالعدالة، والظلم، والاعتقال، والمقاومة، والتضحية، والانتحار… وغيرها؟
يندرج اختيار الإضراب عن الطعام وسيلة لنيل الحقوق ضمن الطرق التي تنشدها فلسفة اللاعنف. وهي فلسفة قائمة على المقاومة والاحتجاج بوسائل سلمية، أهمها العصيان المدني والمظاهرات السلمية وعدم الكلام، والمقاطعة… وتتخذ هذه الطرق إما أشكالا جماعية أو فردية بغية لفت الانتباه إلى قضايا معينة. لم يقتصر وجود حالات المقاومة بعدم استعمال العنف على المجتمعات الغربية كما نظًّرت له وتبنته، بل شهدته المجتمعات الشرقية والمسلمة كذلك .وفي المغرب، كان من الصعب تتبع حالات غابرة اختارت الإضراب عن الطعام كوسيلة للاحتجاج السلمي، لا سيما في قضايا الاعتقال السياسي. وذلك راجع، ربما، إلى طبيعة المجتمعات وبينتها القبلية وإلى وضعية الفرد فيها. وقد يرجع ذلك أيضا إلى طبيعة المصادر التي لم تلتفت إلى مثل هذه الحالات.
ولهذا قد نتساءل: ما قيمة “السجين السياسي“ في المجتمع؟ ولماذا يرتبط بهذا النوع من الإضراب؟
يسجل التاريخ أن سجون العالم، بما فيه المغرب، حافلة بالاغتيالات والإعدامات والتمثيل بجثث المعارضين، والتي استعملتها السلطة لردع من يخالفها… كما أن كتب التاريخ اكتفت بالتركيز على أحوال السجون ومصائر السجناء، و“تحاشت“ أو صعب عليها، عرض يوميات سجناء “الرأي السياسي“ ومأكلهم ومشربهم ومطلبهم، مع بعض الاستثناءات والتلميحات هنا وهناك.
في وقت متأخر وخلال العقود المنصرمة في المغرب، اهتمت بعض الدراسات بأوضاع السجناء كل على حدة، وبأوضاع المعتقل وبطرق احتجاجه وظروف سجنه أو محاكمته، إما على شكل مذكرات أو على شكل ندوات من أجل التصالح مع أوجاع الماضي، فكان بعضها حول سجناء الحركة والوطنية في زمن الحماية، والبعض حول سجناء سنوات الرصاص بعد الاستقلال.
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 92 من مجلتكم «زمان»