لا تخفى بديعة ريان كوجه إعلامي بصم ذاكرة المغاربة، بلغتها الأنيقة وصوتها الهادئ. عايشت ريان البداية الأولى التي تمخضت عنها ولادة التلفزيون، وتدرجت معه من جهاز تلفزي نخبوي إلى جهاز اقتحم البيوت المغربية. نطت بديعة أيضا، من الشاشة الصغيرة إلى الشاشة الكبيرة، حيث تعاونت مع المخرج عبد الله المصباحي في تجربتين سينمائيتين: “غدا لن تتبدل الأرض”، و”أين تخبئون الشمس”، ثم تجربة ثالثة وأخيرة مع المخرج إدريس المريني في فيلم ”بامو”. بعد هذا المسار الطويل، اليوم يتم تكريمها من طرف النادي الفلاحي الهواري للثقافة والأعمال الاجتماعية في أولاد تايمة… وبعد امتناعها لسنوات عن إجراء الحوارات، فكت عزلتها مع “زمان” على هامش هذا الاحتفاء، للحديث عن خلافها مع البصري بعد إلحاق الإذاعة والتلفزة بوزارة الداخلية.
هل يمكن أن تحدثينا عن بداياتك الأولى في الإذاعة؟
يمكن القول إنني كنت محظوظة نوعا ما، فقد ترعرعت في وسط غير بعيد عن الإذاعة، نظرا لأن أختي الكبيرة لطيفة الفاسي كانت مذيعة، وعلاقتها بالميكروفون بدأت حينما كانت تدرس في مدارس محمد الخامس، وجاءهم أحد الأشخاص من الإذاعة ليطلب خريجين من هذا الفوج، نظرا لإتقانهم اللغة العربية، وكانت من ضمنهم أختي لطيفة، وهكذا بدأت تشتغل كمذيعة بينما تواصل دراستها بالموازاة مع ذلك. وتشاء الصدف أن تقرر الإذاعة إحداث برنامج للأطفال. وهكذا، عرضت علي أختي المشاركة في هذا البرنامج الذي كان يعده مولاي علي العلوي، ولم أكن حينها أتجاوز تسع سنوات. كانت تلك، إذن، هي الانطلاقة الأولى في الإذاعة، مع أول برنامج إذاعي للأطفال في المغرب.
ارتبط اسمكم بالبدايات الأولى للتلفزيون، كيف كانت هاته النقلة؟
حينما توفي محمد الخامس عام ،1961 كنت قد بدأت الاشتغال بشكل رسمي في الإذاعة، فارتأى مولاي أحمد العلوي، وزير الإعلام والسياحة والفنون الجميلة، أن يقدم للملك الجديد (الحسن الثاني) هدية من نوع خاص، عبارة عن قناة تلفزية مغربية. لكن، لم نكن نتوفر على الأجهزة والمعدات اللازمة، كما لم يكن لدينا شباب متكون في هذا المجال ليخوض هاته التجربة الجديدة.. وكخلاصة، لم تكن لدينا أيه فكرة عن كيفية الاشتغال في التلفزيون .وهكذا، وجد مذيعو الإذاعة أنفسهم مضطرين للانتقال إلى التلفزيون، وكنت من بين هؤلاء الزملاء الذين انتقلوا إلى هاته التجربة الجديدة. ثم صرت أشتغل في التلفزة إلى جانب اشتغالي في الإذاعة، حتى تفرغت سنة 1972 بشكل رسمي للاشتغال في التلفزيون، وأذكر أن المنتجين كانوا يختارونني بكثرة، حتى صرت أقدم العديد من البرامج، وأصبحت بديعة ريان وجها إعلاميا مألوفا .في هذا الصدد، أذكر أنه ذات يوم اتصل بي أحمد الطيب بنهيمة، وزير الإعلام حينئذ، وطلب مني أن أقدم سهرة فنية كل سبت من رمضان، لأستضيف فيها فنانات مغربيات، وكنت سأتقاضى أجري الخاص من الوزير نفسه. كانت تلك واحدة من المرات التي شعرت فيها بقيمة المسؤولية، لأن الوزير استقبلني وكلفني شخصيا بهاته المهمة.
تتمة الحوار تجدونها في العدد 105 من مجلتكم «زمان»