عمّر البرغواطيون لما يزيد عن ثلاثة قرون، عاشوا خلالها في اكتفاء واستقلالية، رغم تعرضهم لهجمات متوالية، وذلك بسبب موقعهم الجغرافي وتنوع منتوجاتهم الزراعية وحركتهم التجارية الواسعة. وكانت أوضاعهم تلك من بين أسباب اندثارهم. فكيف كانت حياتهم الاقتصادية ونمط عيشهم؟
ارتبط الحديث عن البرغواطيين بشكل كبير بما كانوا يعتقدون ويؤمنون به. فملوكهم وأنبياؤهم الذين ادعوا العلم بالغيب، زاد من شيوع صيتهم خلال القرن الثامن الميلادي، وجلب عليهم أيضا عداوات وخصومات مع جيرانهم من باقي الإمارات في المغرب. لكن هذا لم يكن سببا كافيا لتوالي الهجمات عليهم، بل إن موقعهم الجغرافي ورفاهية نمط عيشهم أسهم في تسليط أعين الأعداء عليهم.
من جهة أخرى، يشير المؤرخون إلى أن توفر برغواطة على موانئ ساعدها في توسيع أنشطتها وفي رخائها الاقتصادي، وبالتحديد في ازدهار عمرانها وتنمية مدنها وقراها. وبشكل عام، فقد حققت برغواطة ازدهارا حضاريا بالرغم من الظروف التي مرت وأحاطت بها. في هذا الصدد، يرى الباحث مولود عشاق أن صلابة النظام السياسي والعسكري للإمارة البرغواطية أمام مجمل الهجمات التي تعرضت لها من طرف الأدارسة والأمويين، مرورا بالإمارات الصنهاجية والزناتية، ثم انتهاء بالمرابطين والموحدين، كل ذلك لا يفسر «إلا بدرجة من التطور ومستوى حضاري متقدم، وبالأساس يرجع إلى قوتها الاقتصادية والديمغرافية».
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 77 من مجلتكم «زمان»، مارس 2020