تمكن الموحدون، في بداية تأسيس دولتهم، من ضم إفريقية تونس حاليا، غير أن بعد المسافة عن المركز مراكش، جعل من الصعوبة استمرار حكمهم هناك، وانتهى الأمر بانفصال المجال الإفريقي.
كانت إفريقية مجالا يعيش تشرذما سياسيا لافتا، إلى أن استطاع الموحدون، على عهد خليفتهم الأول عبد المؤمن، ضمها عبر حملتين عسكريتين فصلت بينهما سنوات سبع، الأولى سنة 547هـ/ 1152م والثانية سنة 554هـ/ 1159م. غير أن الوجود الموحدي في مجال إفريقية، منذ ضمها، لم يتوطد، ولم يعرف هذا المجال استقرارا تاما لشغب القبائل العربية المستمر، وانتزاء أطراف موحدية، وشق بني غانية الطاعة على الموحدين باعتبارهم ممثلي الحكام المرابطين. وقد شكل بنو غانية خطرا داهما على السلطة الموحدية في إفريقية حتى إنهم استطاعوا السيطرة عليها لمدة وجيزة .توافق كل هذا مع بُعْدِ إفريقية عن مركز الدولة الموحدية في مراكش، بما يفيد صعوبة تنقل الجيوش الموحدية إليها بصفة دائمة وسلسة كلما دعت الحاجة إلى ذلك، وبالتالي تعذر ضبط المجال الإفريقي بشكل تام.
استدعى خطر بني غانية على إفريقية رد فعل المركز، حيث قاد الخليفة الموحدي الناصر حملة عسكرية على إفريقية، وحينها تمكن عبد الواحد بن أبي حفص الهنتاتي هزم بني غانية في معركة تاجرا في ربيع الأول عام 602هـ/ أكتوبر 1205م، فاستعاد الموحدون هيبتهم، ورُفِعت أسهم عبد الواحد لدى الخليفة الناصر، فقرر هذا الأخير، بعد مشاورات معمقة، ولتلافي التجارب السياسية الموحدية السابقة في تدبير شأن إفريقية (تعيين ولاة عليها من البيت الحاكم)، والخطر المحدق بها، تولية عبد الواحد أمرها قبل مغادرته لها في اتجاه العاصمة مراكش.
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 108 من مجلتكم «زمان»