لعب التجار المغاربة، في البداية، دورا كبيرا في نشر الإسلام في بلاد السودان، ثم التحق بهم دعاة ومتصوفة، اختلفوا في اعتناق مذاهب، قبل أن ينتصر المذهب المالكي في الأخير.
نفت المصادر الجغرافية العربية المبكرة أي حضور للإسلام في بلاد السودان، مكتفية بالإشارة إلى تقوقعه في مناطق وأفراد قلائل. فقد حصر أبو القاسم محمد بن حوقل، المؤرخ والرحالة، انتشار الإسلام في أوليل، بينما حصره الجغرافي أبو عبيد البكري في نول بما يفيد أن التأثير المغربي على تدين ساكنة المجال لم يكن قد أصبح ملحوظا بعد إبان تدوين أولئك الجغرافيين لمؤلفاتهم. وتختلف الآراء حول البداية الحقيقية لانتشار الإسلام في السودان الغربي. يؤكد البعض أن الإسلام أخذ يشق طريقه إلى هذه المنطقة قبل القرن 4هـ/ 10م. وقد اختلفت المصادر في هذا الإطار اختلافا كبيرا، حسب الخلفية التي انطلق منها أصحابها .فكتاب “الاستبصار في عجائب الأمصار“، الذي ألفه مجهول، أرخ انتشار الإسلام بأواخر القرن 6هـ/ 12م، فيما أشار كل من ابن سعيد وابن خلدون إلى القرن 7هـ/ 13م.
انتشر الإسلام في بلاد السودان بوسيلتين اثنتين إحداهما سلمية، وهي الأهم، والثانية غير سلمية، لم يكن لها حضور ملحوظ، ولم تستغرق زمنا ذا بال في تاريخ تلك البلاد. فأما الطرق السلمية، فكان للتجار فيها قصب السبق بدليل ارتباط الإسلام في بلاد السودان أول الأمر بالفئة الحاكمة والتجار السودانيين، وهؤلاء هم من كانوا يخالطون التجار المغاربة، ويعدون أقدم من اعتنق الإسلام في تلك البلاد. ولعل الطموح الاقتصادي للتجار والحكام حفزهم على اعتناق دين مشاركيهم في العملية التجارية أو بالأحرى منافسيهم في مصالحهم الاقتصادية، حتى إن بعض هؤلاء، خاصة الحكام، كانوا يتظاهرون بالإسلام فقط. وغياب هذا الطموح الاقتصادي لدى باقي مكونات المجتمع، يفسر جانبا مهما من محدودية التأثير الإسلامي عليهم.
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 41 من مجلتكم «زمان»