يعتبر حي الحبوس بمدينة الدار البيضاء، والذي تم تصميمه وبناؤه باستخدام المعايير الحضرية للمدينة القديمة، حالة فريدة في المغرب. صُمم عام 1971 لإيواء الأهالي أو السكان “الأصليين”، وأصبح، بمرور الوقت، أحد المعالم الرئيسية في الدار البيضاء. «زمان» تروي تاريخ مكان هرب من مصيره.
شوارع نظيفة ومرتبة، ساحة كبيرة حيث يلعب الأطفال، أكشاك مليئة بالألوان، وبعض السياح الذين يجوبون في سلام. نعم، نحن في الدار البيضاء. وبتعبير أدق، في حي الحبوس الذي يجاور القصر الملكي. أصبح هذا المكان الخاص، في العقود الأخيرة، مكانا تجب زيارته في المدينة البيضاء. تتجول فيه العائلات نهاية الأسبوع، ولا يفوت العدد القليل من السياح، الذين يزورون العاصمة الاقتصادية، القيام بمشترياتهم هناك. أصبح هذا المكان عصريًا وعلى الموضة، وهي سمة لم تكن متوقعة عند بنائه. ففي عام 1917، عندما بدأت الأشغال به، كانت فكرة المقيم العام، المارشال ليوطي، هي تجنب التمازج الاجتماعي والعرقي. في الوقت الذي كان يجري فيه بناء مدينة أوروبية حديثة، واجهت سلطات الحماية تحديات الإسكان بالنسبة للمغاربة. ولإيمانه بعقيدة الفصل بين المسلمين والأوربيين، دعا ليوطي المهندسين الحضريين والمهندسين المعماريين، الذين أصبحت الدار البيضاء ملعبهم المفضل، للتفكير في مكان على مشارف المدينة، قادر على إيواء المغاربة المقيمين في الدار البيضاء، وخاصة المنجذبين منهم إلى الثروات الجديدة التي تقدمها المدينة. ومع ذلك، فإن المقيم العام لم يكن يرغب في إعطاء صورة المقيم الظالم. لم يكن مشروعه يهدف إلى إخفاء بؤس “السكان الأصليين”، بل منحهم مكانًا مطابقا لهويتهم ويحترم أسلوب حياتهم. هكذا ولدت فكرة مدينة مخصصة للمسلمين بميزات حديثة.
سامي لقمهري
تتمة المقال تجدونها في العدد 57 من مجلتكم «زمان»