أعاد زلزال الحوز، الذي ضرب المغرب ليلة 8 شتنبر، أذهان المغاربة إلى الزلازل التي عاشوا بعضها من قبل. إذ تفتح مثل هاته الأحداث صفحات من حكاية هذه الأرض مع الكوارث الطبيعية، والتي تتشابه بعض ظروفها وتبعاتها أحيانا.
بالرجوع إلى الدراسات التي خصصت لموضوع تاريخ الزلازل، يلاحظ الباحثون قلتها، باستثناء دراسة للباحثة ثريا المرابط أزروال، عن “تاريخ الزلازل من العصر القديم إلى الوقت الحاضر“. وتشير هذه الباحثة إلى أن المصادر القديمة والإخباريين تحاشوا الحديث عن زلازل وقعت قبل القرن التاسع للميلاد و«خلال القرنين الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين»، أو تلك التي وقعت في مدن “هامشية“ كشمال المغرب .بينما تم التركيز على الزلازل الكبرى كزلزال 1522م، وزلزال 1624م، ثم زلزال لشبونة الشهير سنة 1755م.
تزامن زلزال 1522 الذي ضرب شمال المغرب مع مجاعة كانت تعيشها البلاد، والتي استمرت حوالي ثلاث سنوات، مما زاد من الأوضاع سوءا بسقوط ضحايا لهاتين الفاجعتين. ثم ضرب زلزال آخر بعد قرن من الزمن مدينة فاس في فبراير 1624م، حيث اهتزت الأرض تحت المدينة، وتسببت في تدمير عشرات البنايات ومئات الأرواح. ولا يجب هنا أن ننسى أن بيوت فاس ونواحيها، خلال هذه الفترة، كانت تبنى بالطوب والحجر، كما أن المدينة العلمية كانت تشتهر بمعمارها المريني الفريد.
ويعد زلزال لشبونة سنة 1755م، من أعنف الزلازل التي ضربت المغرب؛ فرغم أنه ضرب البرتغال، إلا أنه خلف موجات تسونامي طالت بعض المدن الساحلية البعيدة كمدينة سلا، وبلغت ارتداداته مدنا داخلية كمراكش وفاس ومكناس. يقول الرباطي في تاريخه “الضعيف“ واصفا قوة هذا الزلزال: «ارتجت الأرض لها ارتجاجا.. وسُمع نحو اسم صوت من الأرض، يشبه صوت الرحا التي تدحرج بالأزقة». ويضيف: «تصدعت الحيطان والسقوف وتعيبت.. وفزع الناس الفزع الشديد وفروا من الحوانيت وتركوا أمتعتهم بها، وعُطّلت المكاتب والأطرزة والأسواق». يؤكد الضعيف في روايته أن بعض الجبال تصدعت، ثم بعد «نحو ستة وعشرين يوما، وقعت زلزلة أخرى.. فسقطت دور من فاس واشتد روعهم»، فمات خلق كثير قدر بنحو 10 آلاف شخص.
وإلى جانب عدد الضحايا الكبير، فقد دمرت بعض القصبات والمساجد الضاربة في التاريخ، مما حدا بالسلطان لإعادة أوضاع المدينة كما كانت عليه، وبالأخص ترميم بعض المعالم، التي أضحت الآن ضمن لائحة التراث الوطني أو العالمي، مثلما حصل مع المسجد الأعظم بمكناس الذي تضرر نتيجة زلزال لشبونة فرمّمه السلطان العلوي مولاي عبد لله، وأصلح صومعته «كما كانت وأحسن»، وفق رواية الضعيف. أما عندما نقترب من فترتنا الراهنة وننظر لزلزالي أگادير 1960 والحسيمة 2004 ، ونتتبع ما يتعلق بالحياة التعليمية بعد الزلزال، فقد أكد معظم الذين عاشوا الحدثين مثل أحمد بوكوس، وإدريس بنهيمة..، أنهم واصلوا دراستهم تحت الخيام لسنوات طويلة، وهو الأمر نفسه الذي تقوم به الدولة خلال زلزال الحوز، فضلا عن مساعدات أخرى يقدمها “المخزن“ عند كل فاجعة.